للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفيه أيضًا أن من نوى خيرا فله أجر ما نواه وإن عاقه عنه عائق تفضلًا من اللّه تعالى وجزاءً على نيته (١)، ولهذا شواهد من السنة ذكره المنذري في حواشي مختصر سنن أبي داود، فإذا كان الشرع - صلى الله عليه وسلم - قد نزل العاجر عن الطاعة مع الفاعل لها إذا صحت نيته لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما" (٢) وله نظائر في الحديث، فتنزيل العاجر عن المعصية التارك لها قهرا مع نية تركها اختيارا لو أمكنه منزلة التارك لها المختار أولى (٣)، واللّه أعلم.

وقال الإمام أبو عبد اللّه القرطبي (٤): هذا الحديث يقتضي أن صاحب العذر يعطى أجر الغازي فقيل: يحتمل أن يكون أجره مساويا وفي فضل اللّه متسع وثوابه فضل لا استحقاق فيثيب على النية الصادقة ما لا يثيب على الفعل، وقيل: يعطى أجره من غير تضعيف فيفضله الغازي بالتضعيف للمباشرة، قال: والأول أصح، ذكره في قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (٥) الآية، انتهى.

قال العلماء: أهل الضرر هم أهل الأعذار إذ قد أضرت بهم حتى منعتهم


(١) إكمال المعلم (٦/ ٣٣٤).
(٢) أخرجه البخاري رقم (٢٩٩٦).
(٣) مدارج السالكين (١/ ٢٩٦).
(٤) تفسير القرطبي (٥/ ٣٤٢).
(٥) سورة النساء، الآية: ٩٥.