كيف لم يبشرها إلا ببيت، وأدنى أهل الجنة منزلة من يعطى مسيرة ألف عام في الجنة كما في حديث ابن عمر الذي خرجه الترمذي: وكيف لم يبعث هذا البيت بشيء من أوصاف النعيم والبهجة أكثر من نفي الصخب وهو رفع الصوت، وأما أبو بكر الإسكاف فقال في زوائد الأخبار: إن معنى الحديث أنها بشرت ببيت زائد على ما أعد الله تعالى له من الثواب لإيمانها وعملها، ولذلك قال:"لا صخب فيه ولا نصب" إنما عليه زيادة على جميع العمل الذي نصبت فيه، وقال الخطابي: البيت هنا عبارة عن القصر كما تقدم، يقال في القوم: هم أهل بيت شرف وبيت عز، وفي التنزيل:{غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ولكن لذكر البيت هاهنا بهذا اللفظ ولم يقل بقصر معنى لائق بصورة الحال، وذلك لأنها كانت ربة في بيت إسلام لم يكن على الأرض بيت إسلام إلا بيتها حين آمنت، وأيضًا فإنها أول من بنى امرأة في الإسلام يتزوجها رسول الله ورغبتها فيه وهذا الفعل يذكر بلفظ الفعل كما تقدم، وكما جاء:"من كسى مسلما على عري كساه الله من حلل الجنة، ومن سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم" أي: كما قابل الكسوة بالكسوة والسقي بالسقي فهاهنا وقعت المماثلة لا في ذات المبنى أو الكسوة (١).
وقوله في حديث خديجة:"لا صخب فيه ولا نصب" فإنما عبر بذلك لأنه -عَلَيْهِ السَّلَامُ- دعاها إلى الإيمان فأجابته ولم تحوجه إلى أن يصخب كما يصخب