للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال البخاري رحمه الله: "وقول الله تعالى: (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) (النساء: ١٦٣) "يجوز في قول البخاري، وقول الله: رفع اللام وجرُّها، معطوف على: كيف كان؟ كما تقدَّم في إثبات باب وحذفه.

ثمَّ قيل في إيراد البخاري لهذه الآية الكريمة في أول صحيحه هذا وجهان: أحدهما: أنه أراد أن يبدأ كتابه بشيءٍ من القرآن العزيز، فابتدأ بهذه الآية؛ لأنَّ فيها مناسبةً للترجمة.

فأمر الله سبحانه وتعالى نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، كما أمر النبيين قبله، يُوحي إليه كما أوحَى إليهم، وحيَ رسالةٍ لا وحيَ إلهامٍ.

وقيل: إن البخاري لم يذكر لكتابه خُطبة، وأراد أن يبتدئ كتابه بذكر الله؛ للرواية التي في مسند الإمام أحمد بن حنبل، عن يحيى بن (٤/ و) آدم، حدثنا ابن المبارك، عن الأوزاعيِّ، عن قرَّة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُفتح بذِكْر الله فهو أبتر- أو قال: أقطع" (١). فابتدأ بالآية الكريمة؛ لأنَّ القرآن ذِكْرُ الله.

قال الله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر: ٩).

قال البخاريُّ رحمه الله: حدثنا الحميدي، عبد الله بن الزبير، حدثنا سفيان، ثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، أخبرني: محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعتُ عمر بن الخطاب على المنبر يقول: سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: "إنَّما الأعمالُ بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى دُنيا يُصيبها، أو امرأةٍ ينكِحُها (٢)، فهجرتُه إلى ما هاجرَ إليه" (٣).

هكذا وقع هذا الحديثُ في صحيح البخاري هنا ناقصًا لم يذكر "فمن كانت


(١) مسند أحمد (ح ٨٧١٢).
(٢) من هامش الأصل.
(٣) البخاري (ح: ١)

<<  <   >  >>