للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُمْ تَعَرَّضُوا لِلإِبْطَالِ لا لِلتَّرْجِيحِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَللإِجْمَاعِ عَلَى اتِّحَادِ الْعِلَّةِ هَاهُنَا، وَإِلَّا لَزِمَ جَعْلُهَا أَجْزَاءً.

الْقَاضِي: لا بُعْدَ فِي الْمَنْصُوصَةِ، وَأَمَّا الْمُسْتَنْبَطَةُ فَتَسْتَلْزِمُ الْجُزْئِيَّةَ؛ لِرَفْعِ التَّحَكُّمِ، فَإِنْ عُيِّنَتْ بِالنَّصِّ رَجَعَتْ مَنْصُوصَةً.

فيه، ثم يتنافسوا في طلبها، وهذا إِذا وقع في مكان لم يلزم بُطْلان التعليل بعلّتين مطلقًا.

وذكر إِمام الحرمين هذا الجواب في "البرهان"، ولم يزيفه، ولكنه ضعفه في "الأساليب"، وقال: هذا كلام من يكتفي بظواهر الأمور، ولا يبغي الغَوْص فيها، ونحن نعلم أنه لم يثبت خبر أو أَثر، أو ظاهر كتاب في أن علّة الرِّبا ينبغي أن تكون واحدة أن يجمعوا على اتِّحَاد العلّة من حيث إِن ذلك ممتنع كونه، فإِنا قد أثبتنا بقواطع الأصول فيها أن ذلك جائز غير ممتنع، فدلّ أنهم إِنما قضوا باتِّحَاد العلة من حيث اعتقد كلّ فريق بطلان علة من يخالفه بالطرق التي تتضمن البطلان عنده. انتهى.

فهذه الأجوبة الثلاثة هي المعتمدة في الجواب عن هذا الدليل، وطريق اختصارها أن نقول: لا نسلم وقوع إِجماع على اتحاد العلّة؛ لأنّ وقوعه فرع كون الرِّبا معللًا، وقد منع بعض الأئمّة التعليل رأسًا، فكيف يستقيم الإِجماع؟

وهذا أصح الأجوبة، وهو معتمد إِمام الحرمين. سلمنا وقوع الإِجماع على الاتحاد، ولكنهم إِنما بحثوا في بطلان ما عدا المدعى علّة؛ لأنه إِذا قام الإِجماع على الاتحاد، وكان - هناك - أوصاف وجب النظر فيما يبطل منها؛ ليتعيّن الآخر للعلّية. سلّمنا أنهم بحثوا عن علّية نفس المدّعى كونه علّة، ولكن لما وقع الإِجماع على الاتحاد، احتيج إِلى النظر في جميع ما يتخيّله النَّاظر علّة؛ لينظر أرجحه فيعيّن للعلّية، وقد اقتصر في الكتاب على ذكر هذين الجوابين.

الشرح: "وأجيب: بأنهم تعرضوا للإِبطال لا للترجيح، ولو سلم" تعرضهم للتَّرْجيح "فللإِجماع على اتحاد العلة - هنا - وإِلا لزم جعلها أجزاء"؛ لأنهم لما أجمعوا على الاتحاد، لزم الجزئية؛ لأن جعل أحدهما علّة من غير ترجيح باطل، فتعيّن الجزئية، ولا قائل بها.

واحتج القائل بجواز التَّعْليل بعلّتين منصوصتين، ومنع المستنبطتين، وعليه - كما نقل المصنف - "القاضي" بأنه "لا بعد في" تعدّد "المنصوصة"؛ لأن العلل الشرعية أمارات، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>