للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ٤ - ورواية الشيخين عن أبي المنهال لا دلالة فيها على حلّ ربا الفضل. أما عند القائلين بعدم حجية المفهوم فظاهر، وأما القائلون بحجيته فيخصصونه بحديث أبي سعيد السابق على أن هذا من كلام الراوي.
٥ - أجابوا عن حديث أسامة بعدة إِجابات منها:
أولًا: إِنه منسوخ، وهذه إِجابة ضعيفة؛ لأن النسخ لا يثبت إِلا بدليل تاريخي، ولم يوجد.
وأقوى من هذا الأجوبة التالية، وهي:
ثانيًا: أن لفظ الرِّبا في حديث أسامة محمول على الرِّبا الأغلظ، فليس القصر حقيقيًّا، بل هو إِضافي، أو ادعائي.
ثالثًا: أن مفهوم حديث أسامة عام يشمل حلّ التفاضل في هذه الأصناف، وغيرها. وحديث أبي سعيد خصص هذا المفهوم، فمنع بمنطوقه التفاضل في الأصناف الربوية.
وقريب من هذا ما أجاب به الشافعي من أن حديث أسامة مجمل وحديث أبي سعيد وعبادة مبيّن، فوجب العمل بالمبيّن وتنزيل المجمل عليه.
رابعًا: وهناك تأويل آخر لحديث أسامة يجبب به بعض الفقهاء، وهو أنه كان إِجابة لمن سأل عن بيع الحنطة بالشعير، أو الذهب بالفضة فنقل الراوي الإِجابة، ولم ينقل السؤال؛ إِما لعدم علمه، أو لعدم اشتغاله بنقله.
قال صاحب المبسوط: "وتأويل حديث أسامة بن زيد أن النبيّ سئل عن مبادلة الحنطة بالشعير والذهب بالفضة فقال النبي : "لا رِبا إِلَّا في النَّسِيئةِ" فهذا بناء على ما تقدم من السؤال، فكان الراوي سمع قول رسول الله ولم يسمع ما تقدم من السؤال أولم يشتغل بنقله".
ويتبين جليًّا من الأدلة السابقة، وتوجيهها ومناقشاتها رجحان مذهب الجمهور. على أن ما نسب إِلى ابن عباس، ومن معه ثبت رجوعهم عنه، ولم يصدر ابن عباس في هذا الرأي الذي رآه أولًا فيما ينسبه إِليه الناسبون عن سنة عملية رآها بنفسه من رسول الله أو حفظها منه، بل كان اجتهادًا منه، ولذا لما بين له أبو سعيد الخدري خطأه في ذلك لم يقو على الدفاع عن رأيه، ولم يبين لأبي سعيد سنة حفظها عن رسول الله في ذلك، بل اعترف لعمر وابنه أنهما حفظا عن رسول الله ما لم يحفظ، ورجع عن رأيه، بل استغفر الله منه، وعده ذنبًا أذنبه، فلا يليق بفقيه عنده مسكة من دين أن يرتب ثمرة على رأي رجع عنه صاحبه، ولا يعده خلافًا، بل يجب المصير إِلى رأي الجمهور فيد الله مع الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>