ولا حاصل لدفع إمام الحرمين هذه الطريق بأن الأعرابي منطقه طَبْعُه، والأئمة في مسالك النظر بالدليل مطالبون.
فإن الشافعي إن كان نطق بطبعه فهو حُجّة، وإن نقل عن عشرته فهو ثقة، ثم نَقْله أولى بالاعتبار من نقل الأحاديث.
الشرح:"وأيضًا لَو لم يدل" دليل الخطاب "على المُخَالفة، لم يكن لتخصيص محلّ النطق بالذكر فائدة، وتخصيص آحاد البلغاء لغير فائدة ممتنع، فالشارع أجدر".
وهذا هو الذي اعتمده الشّافعي ﵁ وهو يدلّ على أنه حجّة بالشرع، وليس فيه ما يدل على أنه بوضع اللغة.
"واعترض" بأن الاستدلال بأنه لا فائدة سوى التخصيص على أنه وضع لذلك لا يستقيم؛ لما علم منه أنه "لا يثبت بالوضع بما فيه من الفائدة".
"وأجيب: بأنه يعلم بالاستقراء" من لغة العرب الذين هم فُرْسَان الكلام أنه "إذا لم يكن للفظ فائدة سوى واحدة تعينت"، فإِذًا لم يثبت الوضع بالفائدة، بل بالاستقراء للقاعدة الكلية: أن كلّ ما لا فائدة للفظ سواه تعين هو، "وأيضًا تثبت دلالة [التنبيه](١) بالاستبعاد" المجرّد حيث قلنا؛ لو لم يكن للتعليل لكان ذكره بعيدًا من الشارع، فكان "اتفاقًا، وهذا أولى".
ولقائل أن يقول: هذا لا يتم إلّا إن كانت الدعوى ثبوت المفهوم بالشرع دون اللغة.