وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {لأغوينهم أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} فاستثنى فِي مَوضِع الغاوين من الْعباد، وَاسْتثنى فِي مَوضِع الْعباد من الغاوين. وَقَالَ الشَّاعِر:
(أَدّوا الَّتِي نقصت تسعين من مائَة ... ثمَّ ابْعَثُوا حكما بِالْحَقِّ قوالا)
فَإِذا قَالَ ألف إِلَّا دِرْهَم رَجَعَ فِي تَفْسِير الْألف إِلَيْهِ بِمَا إِذا أسقط مِنْهُ الدِّرْهَم بَقِي شَيْء، أَو يجوز أَن يسْتَثْنى الدِّرْهَم من غير جنسه خلافًا لِأَحْمَد وَمُحَمّد، دليلنا: اسْتثِْنَاء إِبْلِيس من الْمَلَائِكَة وَهُوَ من الْجِنّ، وَقد قيل فِي الِاسْتِثْنَاء إِنَّه خبر بعد خبر، إِذا قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم وَدِرْهَم إِلَّا دِرْهَم وَجب عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْتثْنى من دِرْهَم درهما، وَلَو قَالَ ثَلَاثَة إِلَّا ثَلَاثَة إِلَّا دِرْهَمَيْنِ فَفِي ذَلِك ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: أَنه يلْزمه ثَلَاثَة، لِأَن الِاسْتِثْنَاء الأول رفع جَمِيع الْإِقْرَار فَبَطل (وَالثَّانِي مُعَلّق بِهِ فَبَطل بِبُطْلَانِهِ) ، وَالثَّانِي: يلْزمه دِرْهَم؛ لِأَن الِاسْتِثْنَاء الأول سقط، وَبَقِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute