وَالْقَوْل الثَّانِي: لَا يجب؛ لِأَن انْتِفَاء الْمعَارض لَيْسَ من الدَّلِيل لحُصُول الْعلم أَو الظَّن بِدُونِ التَّعَرُّض لَهُ، وَلِأَن الدَّلِيل يتم بِدُونِهِ إِن لم يكن فِي نفس الْأَمر وَإِلَّا ورد وَإِن احْتَرز عَنهُ اتِّفَاقًا ومنعا وَضعف الْمَنْع.
قَالَ الطوفي: " النَّقْض سُؤال خَارج عَن الْقيَاس؛ فَلَا يجب إِدْخَاله فِي صلب الْقيَاس، بل إِذا أوردهُ الْمُعْتَرض، لزم جَوَابه بِمَا يَدْفَعهُ كَسَائِر الأسئلة؛ وَلِأَن فِيهِ تَنْبِيها للمعترض على مَوضِع النَّقْض، وَفِي ذَلِك نشر الْكَلَام وتبدده، وَهُوَ خلاف الْمَطْلُوب من المناظرة ".
وَاخْتَارَ هَذَا القَوْل ابْن الْحَاجِب.
وَالْقَوْل الثَّالِث: يجب إِلَّا فِي نقض وطرد بطرِيق الِاسْتِثْنَاء، وَهِي مَا يرد على كل عِلّة.
فَإِذا قَالَ: فِي الذّرة مطعوم فَيجب فِيهِ التَّسَاوِي كالبر؛ فَلَا حَاجَة إِلَى أَن يَقُول: وَلَا حَاجَة تَدْعُو إِلَى التَّفَاضُل فِيهِ، فَيخرج الْعَرَايَا فَإِنَّهُ وَارِد على كل تَقْدِير، سَوَاء عللنا بالطعم، أَو الْقُوت، أَو الْكَيْل، فَلَا يتَعَلَّق بِهِ إبِْطَال مَذْهَب وَتَصْحِيح آخر.
قَوْله: (وَإِن احْتَرز عَن النَّقْض بِشَرْط ذكره فِي الحكم، فَالْأَصَحّ: يَصح، اخْتَارَهُ أَبُو الْخطاب، وَقَالَ: إِن احْتَرز بِحَذْف الحكم لم يَصح) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute