قوله - كل من عند ربنا - (عطف جملة) اسمية المبتدأ منها الراسخون (خبره يقولون لأنه تعالى) تعليل لكونه عطف جملة، لا عطف مفرد حتى يلزم مشاركة الراسخين في علم التأويل (ذكر أن من الكتاب متشابها يتبغي تأويله قسم وصفهم بالزيغ) والعدول عن الحق (فلا اقتصر) على ذكر القسم المذكور (حكم) من حيث السياق والسباق (بمقابلهم) أي في مقابل الموصوفين بالزيغ (قسم بلا زيغ لا يبتغون) تأويله، ولا الفتنة (على وزان - فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه -) فإنه تعالى لما اقتصر على هذا (اقتضى مقابله) وهو، وأما الذين كفروا به ولم يعتصموا به فسيدخلهم في نار جهنم أو نحو ذلك (فتركه) أي المقابل إيجاز الدلالة قسيمه عليه (فكيف) لا يحكم بمقابلة القسم المذكور (وقد صرح به) أي بالقسم المقابل (أعني الراسخون، وصحت جملة التسليم) أي الجملة التي مضمونها التسليم، وهي - يقولون آمنا به كل من عند ربنا - (خبرا عنه) أي عن الراسخون، فلا يقال إنه إذا لم يعطف الراسخون على الجلالة يلزم كونه مبتدأ بلا خبر (فيجب اعتباره) أي اعتبار قوله - والراسخون - إلى آخره (كذلك) أي على الوجه المذكور في حل التركيب، (فإن قيل قسم الزيغ المتبعون ابتغاء) مجموع الأمرين (الفتنة والتأويل، فالقسم المحكوم بمقابلته) أي في مقابلة قسم الزيغ قسم حكم فيه (بنفي) مجموع (الأمرين) فيصدق على من انتفي عنه أحدهما دون الآخر (قلنا قسم الزيغ) يتقوم حقيقته (بابتغاء كل) من الفتنة والتأويل (لا) بانتفاء (المجموع) من حيث من هو مجموع ليلزم أن يكون المقابل من لم يبتغ المجموع، فلا يلزم حينئذ ذم من يبتغي التأويل فقط، أو يبتغي الفتنة فقط، وإن استلزمت الفتنة ابتغاء التأويل، وإنما اعتبر في الزيغ كل من البغيين مستقلا (إذ الأصل استقلال) كل واحد من (الأوصاف) المذكورة للأشعار بعلة الحكم فيما سيق لأجله (إذ الأصل استقلال) كل واحد من (الأوصاف) المذكورة للأشعار بعلة الحكم فيما سيق لأجله (ولأن جملة يقولون حينئذ) أي حين يعطف الراسخون على الله كما ذهب إليه الحضم (حال) عن الراسخين (ومعنى متعلقها) أي متعلق الحال وهو مقول القول (ينبو) أي يبعد ويقصر (عن موجب عطف المفرد) وهو الراسخون على المفرد، وهو الله (لأن مثله) أي مثل متعلق الحال، وهو قولهم - آما إلى آخره (في عادة الاستعمال يقال للعجز والتسليم) أي لافادتهما فصار معنى حرفيا للقول المذكور، وهذا لا يناسب موجب العطف، وهو مشاركة الراسخين علام الغيوب في علم التأويل على وجه الانحصار، لا يقال لم لا يجوز أن يكون من باب التواضع، لأنا نقول قوله تعالى - يقولون - يفيد استمرارهم على هذا القول، وإيثار الله إياهم بنعمة علم التأويل يقتضي أن يحدثوا بنعمة وبهم، وعند ذلك يستفاد ضد العجز فلا يتحقق الاستمرار، بل لا يليق بحال الغنى أن يظهر