للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المحقق التفتازاني حيث قال: وليس بشيء إذا لم يعرف اصطلاح على ذلك، بل كلام القوم صريح في خلافه، لكن الحق أنه يصدق على المشترك المبين من حيث أنه مبين أنه لا يمكن أن يعرف منه مراده، بل إنما عرف بالبيان (والحاص أن لزوم الأسمين) المجمل والمبين (باعتبار ما ثبت في نفس الأمر للفظ من البيان) فيما لحقه البيان ((أو الاستمرار على عدمه) أي عدم البيان فيما لم يلحقه، فالمجمل لا يخلو: إما لحقه البيان فلزمه اسم المبين، ولا يطلق عليه بعد ذلك املجمل ولو باعتبار ما كان، وإما لم يلحقه فلزمه اسم المجمل، وهذا ظاهر (فالمجمل أعم عند الشافعية) منه عند الحنفية، لأنه عند الشافعية ما خفي مطلقا، وهذا المعنى مقسم الأقسام الأربعة التي من جملتها المجمل (ويلزمه) أي كونه أعم عندهم (أن بعض أقسامه) أي المجمل (يدرك عن غير المتكلم) وهو فيما يدرك بالاجتهاد (وبعضه لا) يدرك بيانه (إلا منه) أي المتكلم (إذ لا ينكر جواز وجود إبهام كذلك) أي لا يدرك معرفته إلا ببيان المتكلم، وكأنه أراد الجواز المقارن للوقوع (وكذا المتشابه) في كونه منقسما إلى القسمين (إلا أنهم) أي الشافعية (والأكثر) اتفقوا (على إمكان دركه) أي المتشابه المتفق على أنه متشابه (خلافا للحنفية) حيث قالوا لا يمكن دركه في الدنيا كما ذهب إليه الصحابة والتابعون وعامة المتقدمين، غير أن فخر الإسلام وشمس الأئمة استثنيا النبي صلى الله عليه وسلم (وحقيقة الخلاف) بين الطائفتين (في وجود قسم) للفظ باعتبار خفاء دلالته (كذلك) أي على الوجه المذكور، وهو عدم إمكان دركه (ولا يخفى أنه) أي الخلاف المذكور (بحث عن) وجود (قسم شرعي استتبع) يعني هل يوجد في خطابات الشارع لفظ لا يمكن إدراكه المراد منه مطلوب اتباع المكلف إياه من حيث الإيمان به، ولا يجوز اتباعه للتأويل أولا، بل كان متشابه يمكن إدراكه، فيجوز اتباعه طلبا للتأويل (لا لغوى) أي ليس البحث عن وجود لفظ كذا غير متعلق لحكم شرعي (فجاز عندهم) أي الشافعية (اتباعه طلبا للتأويل) وأما الاتباع للإيمان به إجمالا والتوسل به إلى التقرب باعتبار قراءته فهو مطلوب بالإجماع (وامتنع عندنا) لما سيجيء (فلا يحل) اتباعه طلبا للتأويل (ولا نزاع في عدم امتناع الخطاب بما لا يفهم، ابتلاء للراسخين) بل وللزائغين أيضا فإنه فتنة بالنسبة اليهم، والراسخون في العلم الذين ثبتوا وتمكنوا فيه (بإيجاب اعتقاد الحقية) أي حقية ما أراد الله تعالى منه على الإجمال، والجار متعلق بالابتلاء (وترك الطلب) للوقوف عليه (تسليما عجزا) أي استسلاما لله، واعترافا بالقصور عن دركه (بل) النزاع (في وقوعه) أي الخطاب بما لا يفهم (فالحنفية نعم) هو واقع (لقوله تعالى - وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون) في العلم - إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>