فِيهِ وَإِنَّمَا أثبت الرِّبَا فِيهِ بِالرَّدِّ إِلَى غَيره وَإِن ألزمنا أَن نقيس الرِّبَا فِي الْبر لَا على شَيْء فقد ألزم مَا لَا يعقل لِأَن الْمَعْقُول من الْقيَاس أَن يكون قِيَاسا على شَيْء وَيُقَال لَهُم إِذا جَازَ قِيَاس شَيْء على شَيْء جَازَ مَا لَا يتَصَوَّر من قِيَاس شَيْء لَا على شَيْء وعَلى أَن الْمُخَالف لم يقْصد إلزامنا مَا لَا يعقل وَإِنَّمَا قصد إلزامنا مَا يعقل مِمَّا تحظره الْحِكْمَة لِأَنَّهُ قَالَ لَا يجوز أَن يتعبد بِالظَّنِّ فِي الْمصَالح وَهَذَا إِن امْتنع فانما يمْتَنع من جِهَة الْحِكْمَة لَا لِأَنَّهُ لَا يعقل
وَمِنْهَا قَوْلهم الشرعيات مصَالح فَلَو جَوَّزنَا إِثْبَاتهَا بالأمارات مَعَ أَنَّهَا قد تخطىء جَازَ أَن يخبر بِأَن زيدا فِي الدَّار إِذا دلّت الأمارات على كَونه فِيهَا وَإِن كَانَت الأمارات قد تخطىء وتصيب وَالْجَوَاب حكى قَاضِي الْقُضَاة عَن الشَّيْخ ابي عبد الله رحمهمَا الله التَّسْوِيَة بَين الْأَمريْنِ قَالَ لِأَنَّهُ كَمَا نجوز أَن بِنصب الله تَعَالَى أَمارَة على شبه الْفَرْع بِالْأَصْلِ فاذا غلب على ظننا شبهه بِهِ تعبدنا بِالْعلمِ بِوُجُوب إِلْحَاقه بِهِ فِي حكمه وبالعمل بِهِ فَكَذَلِك نجوز أَن ينصب على كَون زيد فِي الدَّار أَمارَة فاذا ظنناه فِي الدَّار جَازَ أَن يتعبدنا بِأَن ننتقل عَن ظن كَونه فِيهَا إِلَى الْعلم لكَونه فِيهَا ويتعبدنا بالْخبر عَن كَونه فِيهَا فَلم يفرق بَينهمَا
وَلقَائِل أَن يَقُول إِنَّه لم يسو بَينهمَا لِأَن الأمارة الدَّالَّة على كَون زيد فِي الدَّار نظيرها الأمارة الدَّالَّة على شبه الْفَرْع بِالْأَصْلِ فِيمَا هُوَ عِلّة الحكم وَنحن لَا ننتقل عَن الظَّن لشبه الْفَرْع بِالْأَصْلِ إِلَى الْقطع على ذَلِك فَكيف قَالَ إِنَّه يجوز أَن يتعبدنا أَن ننتقل عَن الظَّن لكَون زيد فِي الدَّار إِلَى الْعلم بِأَنَّهُ فِيهَا كَمَا فعلنَا فِي الْقيَاس وَهُوَ لم يفعل مثل ذَلِك فِي الْقيَاس وَأَيْضًا فان جَازَ مَعَ كَون الأمارة قد تخطىء وتصيب أَن يسْتَمر الْحَال فِي إصابتها فِي دلالتها على كَون زيد فِي الدَّار جَازَ مَعَ أَن الِاخْتِيَار قد يخطىء ويصيب أَن تستمر إِصَابَته للحق وَإِن جَازَ أَن يتَّفق إِصَابَة الأمارة فِي شَيْء من الْأَشْيَاء فتتعبد بهَا فِي ذَلِك الشَّيْء بِالْقطعِ على حكمهَا جَازَ مثله فِي الِاخْتِيَار إِذا اتّفق إِصَابَته الْحق فِي مَوضِع وَاحِد وَفِي ذَلِك مُوَافقَة مويس بن عمرَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute