للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِن قيل أَلَيْسَ الْفُقَهَاء يسمون قِيَاس الْعَكْس قِيَاسا وَلَيْسَ هُوَ تَحْصِيل حكم الأَصْل فِي الْفَرْع لاشتباههما فِي عِلّة الحكم بل هُوَ تَحْصِيل نقيض حكم الأَصْل فِي الْفَرْع لافتراقهما فِي عِلّة الحكم مِثَاله قَول الْقَائِل لَو لم يكن الصَّوْم من شَرط الِاعْتِكَاف لما كَانَ من شَرطه وَإِن نذر أَن يعْتَكف بِالصَّوْمِ كَالصَّلَاةِ لما لم تكن من شَرط الِاعْتِكَاف لم تكن من شَرطه وَإِن نذر أَن يعْتَكف بِالصَّلَاةِ فَالْأَصْل هُوَ الصَّلَاة وَالْحكم هُوَ نفي كَونهَا شرطا فِي الِاعْتِكَاف وَلَيْسَ يثبت هَذَا الحكم فِي الْفَرْع الَّذِي هُوَ الصَّوْم فَإِنَّمَا يثبت نقيضه وَلم يجتمعا فِي الْعلَّة بل افْتَرقَا فِيهَا لِأَن الْعلَّة الَّتِي لَهَا لم تكن الصَّلَاة شرطا فِي الِاعْتِكَاف هِيَ كَونهَا غير شَرط فِيهِ مَعَ النّذر وَهَذَا الْمَعْنى غير مَوْجُود فِي الصَّوْم لِأَنَّهُ شَرط مَعَ النّذر الْجَواب انه إِذا كَانَ الْمَعْقُول من الْقيَاس أَن يكون قِيَاس شَيْء على شَيْء وَلَا يكون قِيَاسا عَلَيْهِ إِلَّا وَقد اعْتبر حكمه وَلَا يكون الْقيَاس مُعْتَبرا بِحكمِهِ إِلَّا وَقد اعْتبر الشّبَه بَينهمَا إِذا كَانَ ذَلِك لَا يتم فِي قِيَاس الْعَكْس وَجب تَسْمِيَته قِيَاسا مجَازًا من حَيْثُ كَانَ الْفَرْع مُعْتَبرا بِغَيْرِهِ على بعض الْوُجُوه فَلَا يجب إِذن دُخُوله فِي الْحَد

وَيجوز أَن نحد الْقيَاس بِحَدّ يشْتَمل قِيَاس الطَّرْد وَالْعَكْس فَنَقُول الْقيَاس هُوَ تَحْصِيل الحكم فِي الشَّيْء بِاعْتِبَار تَعْلِيل غَيره وَهَذَا الْحَد يشْتَمل على كلا القياسين أما قِيَاس الطَّرْد فقد حصل الحكم فِي فَرعه بِاعْتِبَار تَعْلِيل الأَصْل وَأما قِيَاس الْعَكْس فانه قد اعْتبر تَعْلِيل الأَصْل لنفي حكمه من الْفَرْع لافتراقهما فِي الْعلَّة

وَإِذا حددنا الْقيَاس بذلك قسمناه إِلَى قِيَاس الطَّرْد وَالْعَكْس وَقِيَاس الطَّرْد هُوَ مَا ذَكرْنَاهُ أَولا وَقِيَاس الْعَكْس هُوَ تَحْصِيل نقيض حكم الشَّيْء فِي غَيره لافتراقهما فِي عِلّة الحكم

فَأَما حكم الْقيَاس الشَّرْعِيّ فَهُوَ المنقسم إِلَى كَون الْفِعْل قبيحا وحسنا وَيكون فعله أولى من تَركه أَو يكون تَركه أولى من فعله وَكَونه وَاجِبا

وَأما الأَصْل فقد ذكر قَاضِي الْقُضَاة أَنه مُسْتَعْمل فِي أَرْبَعَة أَشْيَاء أَحدهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>