للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَكون الْعلَّة أَمارَة على وجوب الحكم فِي الْفَرْع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي الْقيَاس مَا هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اخْتلف النَّاس فِي حد الْقيَاس فحده بَعضهم بِأَنَّهُ اسْتِخْرَاج الْحق وَهَذَا يلْزم عَلَيْهِ أَن يكون اسْتِخْرَاج الْحق بالاستدلال بالنصوص والظواهر قِيَاسا وَيلْزم ذَلِك أَيْضا من حَده بِأَنَّهُ اسْتِدْلَال وَحده بَعضهم بِأَنَّهُ التَّشْبِيه وَهَذَا يلْزم عَلَيْهِ أَن يكون من قَالَ إِن الارز يشبه الْبر فِي الصلابة قائسا وَأَن يُوصف الله سُبْحَانَهُ بانه قائس إِذا شبه بَين الشَّيْئَيْنِ وَحده الشَّيْخ أَبُو هَاشم بِأَنَّهُ حمل الشَّيْء على غَيره وإجراء حكمه عَلَيْهِ فان أَرَادَ إِجْرَاء حكمه عَلَيْهِ لأجل الشّبَه فَصَحِيح وَكَانَ يجب التَّصْرِيح بذلك وَإِن لم يرد ذَلِك لم يَصح لِأَن إِثْبَات الحكم فِي الشَّيْء من غير تَشْبِيه بَينه وَبَين غَيره يكون مُبْتَدأ وَمن ابْتَدَأَ فَأثْبت فِي الشَّيْء حكما لَا يكون قائسا وَإِن اتّفق أَن يكون ذَلِك الحكم ثَابتا فِي غَيره وَحده قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله بِأَنَّهُ حمل الشَّيْء على الشَّيْء فِي بعض أَحْكَامه لضرب من الشّبَه

وَأبين من هَذَا أَن يحد بِأَنَّهُ تَحْصِيل حكم الأَصْل فِي الْفَرْع لاشتباههما فِي عِلّة الحكم عِنْد الْمُجْتَهد وَقد دخل فِي ذَلِك الْجمع بَين الشَّيْئَيْنِ فِي الْإِثْبَات وَفِي النَّفْي وَإِنَّمَا قُلْنَا الشّبَه عِنْد الْمُجْتَهد لِأَن الْمُجْتَهد قد يظنّ أَن بَين الشَّيْئَيْنِ شبها وَإِن لم يكن بَينهمَا شبه فَيكون رده إِلَيْهِ قِيَاسا وَإِنَّمَا حددنا الْقيَاس بِمَا ذكرنَا لِأَن الْمَعْقُول من الْقيَاس أَن يكون قِيَاس شَيْء على شَيْء أَلا ترى أَن الْإِنْسَان إِذا قَالَ قست هَذَا الشَّيْء قيل لَهُ على مَاذَا قسته وَلَو أثبت الْإِنْسَان حكم الشَّيْء فِي غَيره لَا لشبه بَينهمَا لَكَانَ مبتدئا بالحكم فِيهِ غير مراع لحكم الأَصْل وَلم يشرط اعْتِبَار الشّبَه فِي الْحَد لِأَنَّهُ دَاخل فِي الْمَعْقُول من الْقيَاس لَا لِأَن الْقيَاس لَا يَصح من دونه

<<  <  ج: ص:  >  >>