للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدل وَيُمكن أَن يسْتَدلّ بِالْآيَةِ من وَجه آخر وَهُوَ أَن سَبَب نُزُولهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط ساعيا فَعَاد فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الَّذين بَعثه إِلَيْهِم أَرَادوا قَتله فأجمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على غزوهم وقتلهم وَهَذَا حكم شَرْعِي قد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ الْعَمَل فِيهِ على خبر الْوَاحِد فَلَو كَانَ ذَلِك مَحْظُورًا لأنكره الله تَعَالَى وَلما علق حظره بِالْفِسْقِ لِأَن ذَلِك يُوهم أَنه إِنَّمَا لم يجز ذَلِك التسرع لأجل فسق الْمخبر لَا غير يبين ذَلِك أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا عمل على غزوهم لأجل خبر الْوَلِيد مَعَ ظَنّه أَنه عدل ولهذه الْآيَة ولاه الصَّدَقَة وَلقَائِل أَن يَقُول نزُول هَذِه الْآيَة فِي الْوَلِيد بن عقبَة مَنْقُول بالآحاد فَلم يجز بِنَا الِاحْتِجَاج عَلَيْهِ وَقد روى عمر بن شبة فِي كتاب الْكُوفَة فِي أَخْبَار الْوَلِيد باسناده عَن قَتَادَة فِي قَول الله سُبْحَانَهُ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ} قَالَ هُوَ الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط بَعثه النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى بني المصطلق مُصدقا فَلَمَّا أبصروه أَقبلُوا نَحوه فهابهم فَرجع إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَأخْبر أَنهم ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام فَبعث نَبِي الله خَالِد بن الْوَلِيد وَأمره أَن يثبت وَلَا يعجل فَانْطَلق حَتَّى أَتَاهُم لَيْلًا فَبعث عيونه فَلَمَّا جَاءُوهُ خبروه أَنهم متمسكون بِالْإِسْلَامِ وسمعوا أذانهم وصلاتهم فَلَمَّا أَصْبحُوا أَتَاهُم خَالِد وَرَأى مَا يُعجبهُ فَرجع إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَأخْبرهُ الْخَبَر وَذكر رِوَايَة أُخْرَى أَنه رَجَعَ الْوَلِيد إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قد منعُوا فَأنْزل الله سُبْحَانَهُ الْآيَة وَلَيْسَ فِي ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم بقتالهم من غير تثبت وَتبين

وَمِنْهَا قَول الله عز وَجل {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} والمخبر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلُزُوم الْعِبَادَة علينا شَاهد على النَّاس وَلَيْسَ يجوز أَن يَجعله الله عدلا ليشهد إِلَّا وَقد تعبد بِالرُّجُوعِ إِلَى خَبره الْجَواب إِن قَوْله وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا خطاب لكافة الْأمة دون آحادها فان أُرِيد بِهِ شَهَادَة جَمِيعهم علينا من جِهَة الْخَبَر فَذَلِك تَوَاتر وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>