للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخصيصها وَكثير مِمَّن يقبل خبر الْوَاحِد لَا يقبله فِي التَّخْصِيص فَلَيْسَ ينقص ذَلِك الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد فِي الْجُمْلَة على أَن قَوْله لَا نَدع كتاب رَبنَا يَقْتَضِي ترك الْكتاب أصلا وَذَلِكَ نسخ وَنحن نمْنَع نسخ الْكتاب بِخَبَر الْوَاحِد على أَن قَوْله لقَوْل امْرَأَة لَعَلَّهَا صدقت أم كذبت يُفِيد أَنه اعْتقد فِيهَا أَنَّهَا غير ضابطة لما تسمعه وَهَذِه الْعلَّة غير مَوْجُودَة فِيمَن يضْبط وَبِهَذَا يبطل قَول من يَقُول إِن عمر رَضِي الله عَنهُ علل رد حَدِيثهَا لعِلَّة مَوْجُودَة فِي كل مخبر

إِن قيل فقد قبلوا خبر الْوَاحِد فِي نسخ حكم مَعْلُوم نَحْو قبُول أهل قبا نسخ الْقبْلَة قيل ذَلِك جَائِز فِي الْعقل وَفِي صدر الْإِسْلَام قَالَ اصحابنا وَلَوْلَا إِجْمَاع الصَّحَابَة على الْمَنْع من ذَلِك لجوزناه وَقد قَالَ أَبُو عَليّ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد كَانَ أخْبرهُم بنسخ الْقبْلَة وَأَنه ينفذ إِلَيْهِم بنسخها فلَانا وأعلمهم صدقه فَكَانُوا قاطعين على صدقه فَلم ينسخوا الْقبْلَة إِلَّا بِخَبَر مَعْلُوم

وَقد اسْتدلَّ فِي الْمَسْأَلَة بأَشْيَاء لَا تدل

مِنْهَا قَول الله عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تصيبوا قوما بِجَهَالَة فتصبحوا على مَا فَعلْتُمْ نادمين} قَالُوا فعلق وجوب التبين على مَجِيء الْفَاسِق فَكَانَ مَجِيء غير الْفَاسِق بِخِلَافِهِ وَهَذَا لَا يَصح إِلَّا مَعَ القَوْل بِدَلِيل الْخطاب وَقَالُوا أَيْضا قَوْله {إِن جَاءَكُم فَاسق} شَرط فِي إِيجَاب التثبيت فَوَجَبَ إِن لم يَجِيء فَاسق أَن لَا يجب التثبت وَأَن يكون التسرع مُبَاحا سَوَاء جَاءَنَا عدل أَو لم يجئنا أحد لِأَنَّهُ فِي كلا الْحَالين لم يَجِيء الْفَاسِق وَقد وَقع الِاتِّفَاق على الْمَنْع من التسرع إِذا لم يَجِيء أحد أصلا فَبَقيَ الْقسم الآخر وَهُوَ أَن يَجِيء مخبر غير فَاسق وَلقَائِل أَن يَقُول إِن الشَّرْط فِي هَذِه الْآيَة يَقْتَضِي نفي وجوب التثبت على نفي مَجِيء الْفَاسِق وَأحد لَا يَقُول بذلك والمستدل يَجْعَل نفي وجوب التثبت وَإِبَاحَة التسرع وَاقِفًا على مَجِيء

<<  <  ج: ص:  >  >>