كذب الرَّاوِي يلْزمه تَجْوِيز كَون الْفِعْل الَّذِي رَوَاهُ مفْسدَة كَمَا لَا يلْزمه مثله فِي الْبَيِّنَة فان قَالُوا لَيْسَ يخلوا ظنكم صدق الرَّاوِي إِمَّا أَن يكون طَرِيقا إِلَى الْمصلحَة أَو شرطا فِي كَون فعلكم مصلحَة فان كَانَ طَرِيقا وقلتم لَا يجوز أَن يخطىء فقد جعلتم الظَّن علما ولزمكم قبُول خبر الْوَاحِد فِي الاعتقادات وَإِن جوزتم أَن يخطىء الظَّن لم يجز كَونه طَرِيقا إِلَى الْقطع على أَن مَا فعلتموه مصلحَة وَلَئِن جَازَ أَن يكون طَرِيقا إِلَى ذَلِك مَعَ جَوَاز كَونه خطأ جَازَ أَن يكون طَرِيقا إِلَى الاعتقادات وَجَاز وُرُود التَّعَبُّد بِهِ فِيهَا وَإِن جعلتموه شرطا يصير الْفِعْل عِنْده مصلحَة فَلم لَا يجوز كَون الْفِعْل مصلحَة إِذا ظننا كذب الرَّاوِي لَهُ وَإِذا اشتهينا فعله وَإِذا اخترناه وَأَن يرد التَّعَبُّد بذلك قيل قد أجَاب قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله فَقَالَ يجوز كَون هَذِه الْأَشْيَاء أسبابا يجب عِنْدهَا الْفِعْل على مَا ذَكرُوهُ وَنحن نجيب عَن ذَلِك بِأَنا إِنَّمَا جَوَّزنَا أَن يكون الْفِعْل مصلحَة عِنْد حَالَة من حالاتنا ثمَّ بَينا إِن ظننا صدق الرَّاوِي مِمَّا يشْهد الْعقل بِجَوَاز كَونه شرطا فِي الْمصلحَة بِمَا ذَكرْنَاهُ من التَّصَرُّف فِي الْأَسْفَار وَالْحكم بِالْبَيِّنَاتِ وكما أَن الْعقل بذلك شَاهد فَهُوَ شَاهد بِأَن مَا ذكرتموه لَا يكون شرطا فِي وجوب الْفِعْل أَلا ترى أَن الْمُسَافِر إِذا خَافَ فِي سَفَره فخبره بعض من يظنّ صدقه بسلامة بعض الطّرق وَفَسَاد غَيره فانه يجب عَلَيْهِ أَن يعْمل على مَا ظَنّه صلاحا دون مَا ظن فِيهِ الْفساد وَلَو ظن كذب الْمخبر بأمارة لم يجز أَن يعْمل على خَبره وَلَا يجوز لَهُ مَعَ اشْتِبَاه الطّرق عَلَيْهِ وخوفه أَن يعْمل على شَهْوَته واختياره من غير أَمارَة على أَن القَوْل بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن يعْمل الْإِنْسَان بِمَا يشتهيه ويختاره إِسْقَاط للتكليف لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قيل لَهُ افْعَل مَا تختاره دون مَا لَا تختاره وَنحن إِنَّمَا نتكلم فِي تَكْلِيف على صفة هَل يحسن أم لَا وَقصد السَّائِل أَن يلْزمنَا على هَذَا التَّكْلِيف تكليفا آخر على صفة أُخْرَى وَلَيْسَ غَرَضه إلزامنا إِسْقَاط التَّكْلِيف فقد بَان أَنه لم يلْزمنَا مَا قصد إلزامنا فان قَالُوا يجوز أَن يُقَال للْإنْسَان إِذا اخْتَرْت الْفِعْل أَو اشتهيته فَلم يصرفك صَارف فقد وَجب عَلَيْك فعله مَا دمت مرِيدا لَهُ وَإِن لم تكن مُخْتَارًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute