للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُرْآن الْجَواب أَنهم جمعُوا بَين الْمَوْضِعَيْنِ بِغَيْر عِلّة ثمَّ إِن الْقُرْآن الْمَنْقُول بالآحاد إِمَّا أَن يظْهر فِيهِ الإعجاز وَإِمَّا أَن لَا يظْهر فِيهِ الإعجاز فان لم يظْهر فِيهِ الإعجاز جَازَ أَن نعمل بِمَا تضمنه من عمل إِذا نقل إِلَيْنَا بالآحاد وَلِهَذَا نعمل بِمثل مَا ينْقل من قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود رَحمَه الله وَمَا يظْهر فِيهِ الإعجاز فَهُوَ حجَّة للنبوة وَلَا يكون حجَّة إِلَّا وَقد علم أَنه لم يُعَارض فِي عصر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ سَماع أهل الْعَصْر لَهُ وَلَا يعلم ذَلِك إِلَّا وَقد تَوَاتر نقل ظُهُوره فِي ذَلِك الْعَصْر

وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الشرعيات مصَالح وَالْوَاحد يجوز أَن يكذب فِيمَا يخبر بِهِ من فعل أَو ترك وَلَا نَأْمَن أَن يكون مَا تضمنه خَبره مفْسدَة وَقد أجَاب قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله عَن ذَلِك فِي الشَّرْح والدرس فَقَالَ إِن الَّذِي لَا بُد مِنْهُ فِي الْوَاجِب الشَّرْعِيّ كَونه مصلحَة مدلولا عَلَيْهِ إِمَّا بِعَيْنِه وَإِمَّا بِصفتِهِ فاذا قَامَت الدّلَالَة على وجوب الْعَمَل عِنْد خبر الْوَاحِد وظننا صدقه علمنَا أَن الْعَمَل صَلَاح لنا كَمَا نعلم أَن قطع الْيَد صَلَاح عِنْد الْبَيِّنَة وَهَذَا لَا يعْتَرض قَول الْمُخَالف إِن الرَّاوِي إِذا جَازَ عَلَيْهِ الْكَذِب لم نَأْمَن أَن يخبر بالمفسدة وَمَتى ثَبت للمخالف هَذَا كَانَ لَهُ أَن يَقُول لَا يجوز أَن تدل دلَالَة على مَا ذكرْتُمْ فان قُلْتُمْ قيام الدّلَالَة على الْعَمَل بِمَا ظنناه يدل على صدق الْمخبر قيل لكم فَيجب أَن تقطعوا على صدقه وَلَئِن جَازَ ذَلِك ليجوزن أَن تدل دلَالَة على أَن نحكم مَا نريده فنعلم أَن كل مَا نُرِيد الحكم بِهِ فَهُوَ صَوَاب فان قُلْتُمْ لَا يجوز أَن يتَّفق ذَلِك فِي كل مَا نريده قيل لَك وَلَا يجوز أَن يتَّفق الصَّوَاب فِي كل مَا نظن صدق الرَّاوِي فِيهِ فَأَما مَا ذكره من الحكم عِنْد الْبَيِّنَة فَهُوَ نقض لما اعتلوا بِهِ لِأَنَّهُ يجوز أَن يكذب الشُّهُود فنقطع يدا لَا يسْتَحق قطعهَا وَالْجَوَاب عَن الشُّبْهَة هُوَ أَن الْفِعْل قد يكون صلاحا إِذا فَعَلْنَاهُ وَنحن على حَالَة مَخْصُوصَة وَلَا يمْتَنع أَن يكون مَتى ظننا صدق الرَّاوِي أَو كُنَّا مِمَّن يجوز أَن يظنّ صدقه لأمارة صَحِيحَة فمصلحتنا أَن نَفْعل مَا اقْتَضَاهُ الْخَبَر صدق الرَّاوِي أَو كذب كَمَا نقُوله فِي الحكم عِنْد الْبَيِّنَة وَإِذا لم يمْتَنع ذَلِك لم يجب مَا قَالُوهُ من أَن تَجْوِيز

<<  <  ج: ص:  >  >>