للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِعْل فِي هَذِه الْأَحْوَال كلهَا

وَأما الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ وقُوف الْعَمَل على الظَّن فَلَيْسَ يمْتَنع لِأَن الْفِعْل الشَّرْعِيّ إِنَّمَا يجب لكَونه مصلحَة وَلَا يمْتَنع أَن يكون مصلحَة إِذا فَعَلْنَاهُ وَنحن على صفة مَخْصُوصَة وكوننا ظانين لصدق الرَّاوِي صفة من صفاتنا فَدخلت فِي جملَة أحوالنا الَّتِي يجوز كَون الْفِعْل عِنْدهَا مصلحَة وَاجِبا أَو مَحْظُورًا وَلِهَذَا يلْزم الْمُسَافِر سلوك طَرِيق وتجنب آخر إِذا أخبر بسلامة ذَلِك واختلال هَذَا من يغلب على ظَنّه صدقه وَوَجَب على الإِمَام الْقطع وَالْجَلد وَالْقَتْل إِذا شهد بِالزِّنَا وَالْقَتْل والسرق شَاهِدَانِ أَو أَرْبَعَة ظَاهِرهمْ الْعَدَالَة

وَقد فرقوا بَين خبر الْوَاحِد وَبَين الشَّهَادَة بأَشْيَاء

مِنْهَا أَن الشَّهَادَة تقبل فِيمَا يجوز فِيهِ الصُّلْح وَفِيمَا يتَعَلَّق بالدنيا وَلَيْسَ كَذَلِك خبر الْوَاحِد الْجَواب إِن الشَّهَادَة مَقْبُولَة فِيمَا لَا يجوز فِيهِ الصُّلْح كالفروج وإراقة الدِّمَاء ويلزمهم جَوَاز التَّعَبُّد بِخَبَر الْوَاحِد فِي احكام الْبياعَات وَغير ذَلِك وهم يأبون ذَلِك وَأما أُمُور الدُّنْيَا فَهِيَ كأمور الدّين فِيمَا نَحن بسبيله لِأَن الْوُجُوب والقبح يدْخل كل وَاحِد مِنْهُمَا فِيهَا والعبادات الشَّرْعِيَّة إِنَّمَا وَجَبت وقبحت لكَونهَا مصَالح فِيمَا يتَعَلَّق بالدنيا من الْقَتْل وَغَيره فاذا جَازَ أَن يجب علينا مَا ذَكرْنَاهُ من أُمُور الدُّنْيَا بِحَسب الظَّن جَازَ ذَلِك فِي الشرعيات على أَنا نقبل الشَّهَادَة فِي أُمُور شَرْعِيَّة كرؤية الْأَهِلّة على ان الْحَد أَمر شَرْعِي وَقد قبلوا فِيهِ شَهَادَة الِاثْنَيْنِ

وَمِنْهَا قَوْلهم أَنْتُم تقبلون أَخْبَار الْآحَاد فِي إِثْبَات شرع وَالشَّهَادَة بِأَن زيدا قتل أَو سرق لَيْسَ يثبت بهَا شرع وَالْجَوَاب إِنَّه لَا فرق بَينهمَا لأَنا عِنْد الشَّهَادَة نعلم أَن قتل الْمَشْهُود عَلَيْهِ شرع وَدَلِيلنَا على ذَلِك مَا دلنا على وجوب الْعَمَل بالشهادات وَعند خبر الْوَاحِد نعلم أَن الحكم بِهِ شرع وَدَلِيلنَا على ذَلِك مَا دلنا على وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد فَلَا فصل بَينهمَا إِلَّا أَن الحكم يثبت بالْخبر فِي الْجُمْلَة وبالشهادة يثبت على عين وَهَذَا غير قَادِح فِي تعلق الحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>