وَأما الْقسم الثَّانِي فضربان أَحدهمَا لَا يُمكن أَن يقف عَلَيْهِ أَكثر من وَاحِد وَالْآخر يُمكن ذَلِك فِيهِ فَالْأول يقبل فِيهِ خبر الْوَاحِد وَذَلِكَ دَعْوَى الْمَرْأَة انْقِضَاء عدتهَا فِي زمَان يجوز انقضاؤها فِيهِ وَأما الَّذِي يُمكن أَن يقف عَلَيْهِ أَكثر من وَاحِد فَمِنْهُ مَا يشق وَمِنْه مَا لَا يشق فِي الْغَالِب وَالْأول يقبل فِيهِ خبر الْوَاحِد كَشَهَادَة الْقَابِلَة فِي الْولادَة وَالثَّانِي لَا يقبل فِيهِ خبر الْوَاحِد كالحقوق وَالْحُدُود فَصَارَ خبر الْوَاحِد إِنَّمَا يقبل فِي إِثْبَات شرع لَيْسَ لَهُ طَرِيق مَعْلُوم وَلَا يقبل فِي كثير مِمَّا يتَعَلَّق بالحكومات على الآخر وَيقبل خبر الْوَاحِد فِي إِثْبَات شرع ثمَّ يتبع ذَلِك تَعْلِيق الحكم على الْأَعْيَان وَلِهَذَا قبلت الصَّحَابَة وضي الله عَنْهَا خبر الْوَاحِد فِي الْجدّة وَتبع ذَلِك تَعْلِيق حكم على الْعين وَلم يقبلُوا خبر الْوَاحِد فِي رد الحكم لما تعلق بِعَين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي جَوَاز وُرُود التَّعَبُّد بأخبار الْآحَاد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
ذهب أَكثر النَّاس إِلَى جَوَاز التَّعَبُّد بِالْعَمَلِ بِهِ وَمنع آخَرُونَ من ذَلِك وَالدَّلِيل على جَوَازه أَنه يجوز التَّعَبُّد بالأخبار المتواترة فَلَو امْتنع التَّعَبُّد بأخبار الْآحَاد لامتنع ذَلِك لما بِهِ يُفَارق أَخْبَار الْآحَاد أَخْبَار التَّوَاتُر وَالَّذِي يُمكن أَن يُقَال إنَّهُمَا يفترقان فِيهِ شَيْئَانِ أَحدهمَا أَن يُقَال إِن الْعَمَل بأخبار الْآحَاد غير مَعْلُوم وَالْآخر أَن الْعَمَل بهَا وَإِن كَانَ مَعْلُوما فانه مَوْقُوف على ظن صدق الْمخبر وَوُجُوب الْعَمَل وقبحه لَا يقفان على الظَّن
وَالَّذِي يفْسد الْوَجْه الأول هُوَ أَنا نجيز الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد بِأَن يدل دَلِيل قَاطع على وجوب الْعَمَل بِهِ إِذا تكاملت شُرُوطه فنكون عِنْد تَكَامل الشُّرُوط عَالمين بِوُجُوب الْعَمَل لمَكَان الدَّلِيل إِذْ لَا فرق بَين أَن يَقُول الله عز وَجل إِذا غلب على ظنكم صدق الرَّاوِي فاعملوا بِخَبَرِهِ وَبَين أَن يَقُول إِذا أخْبركُم فلَان فاعملوا بِخَبَرِهِ وَبَين أَن يَقُول افعلوا كَذَا وَكَذَا فِي أَنا نعلم وجوب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute