للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنفع هُوَ الله عز وَجل وَحده لِأَنَّهُ الْمُخْتَص بِالْعلمِ بالمصالح وَحده

وَقد منع الشَّيْخ أَبُو هَاشم رَحمَه الله من التَّعَلُّق بالاية بِمَا هُوَ جَوَاب عَن الْوُجُوه الَّتِي ذكروها وَهُوَ أَن قَوْله نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا لَيْسَ فِيهِ أَنه يَأْتِي بِخَير مِنْهَا نَاسِخا بل لَا يمْتَنع أَن يكون الَّذِي يَأْتِي بِهِ مِمَّا هُوَ خير مِنْهَا أَنه فِي حكم آخر بعد نسخ الْآيَة وَيكون النَّاسِخ غير الْآيَة إِن قيل كل من أوجب عِنْد نسخ الْآيَة الْإِتْيَان بِآيَة أُخْرَى قَالَ إِنَّهَا هِيَ الناسخة وَفِي ذَلِك مَا قُلْنَا قيل إِنَّا لَا نوجب ذَلِك من جِهَة الْحِكْمَة وَإِنَّمَا نحكم بذلك لأجل إِخْبَار الله سُبْحَانَهُ فِي هَذِه الْآيَة وَلم يجر هَذَا القَوْل على هَذَا التَّفْصِيل بَين الْأمة قبل أبي هَاشم فيدعى إجماعها فِيهِ وَقد منع من التَّعَلُّق بِالْآيَةِ بِأَن ظَاهر قَوْله عز وَجل {مَا ننسخ من آيَة} نسخ التِّلَاوَة دون الحكم فَقَط إِلَّا أَنه لَا يُطلق فِيمَا نسخ حكمه وَبقيت تِلَاوَته أَنه قد نسخ أَلا ترى أَنه يُقَال مَا نسخت الْآيَة وَإِنَّمَا نسخ حكمهَا وَلَهُم أَن يَقُولُوا بل قد يُطلق ذَلِك لِأَن النَّاس يَقُولُونَ إِن قَول الله سُبْحَانَهُ {إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة} مَنْسُوخ وَإِن كَانَت التِّلَاوَة بَاقِيَة وَقد قَالُوا أَيْضا أَنْتُم تجيزون نسخ تِلَاوَة الْآيَة بِسنة بِأَن يُنْهِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تلاوتها فَإِن ثَبت أَنه لَا يجوز نسخ تلاوتها بِسنة وَجب مثله فِي حكمهَا لِأَن أحدا لم يفرق بَينهمَا فان قُلْنَا لَا يمْتَنع أَن لَا تنسخ التِّلَاوَة إِلَّا وَتَأْتِي آيَة أُخْرَى وَإِن لم تكن ناسخة وَيكون الدَّلِيل على ذَلِك هَذِه الْآيَة كَانَ ذَلِك رُجُوعا إِلَى الْوَجْه الْمُتَقَدّم

فَأَما الدّلَالَة على أَن نسخ الْقُرْآن بِالسنةِ قد وَقع فَهِيَ أَنه كَانَ الْوَاجِب على الزَّانِيَة الْحَبْس فِي الْبيُوت بقول الله عز وَجل {فأمسكوهن فِي الْبيُوت حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا} ثمَّ نسخ الله عز وَجل ذَلِك بقوله {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة}

<<  <  ج: ص:  >  >>