للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا هُوَ خير مِنْهُ إِنَّمَا يُفِيد مَا ذكرْتُمْ لِأَنَّهُ قد ذكر لَفظه مَا وَهَذِه اللَّفْظَة تقع على الثَّوْب وعَلى غَيره مِمَّا لَا يعقل وَلَيْسَ كَذَلِك الْآيَة لِأَن الله لم يقل نأت بِمَا هُوَ خير مِنْهَا وَإِنَّمَا قَالَ نأت بِخَير مِنْهَا فنظيره قَول الْقَائِل مَا آخذ مِنْك من ثوب آتِيك خيرا مِنْهُ فِي أَنه يُفِيد ثوبا خيرا مِنْهُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَن يضمر فِي الْكَلَام اسْم الثَّوْب قيل لَا نسلم أَنه إِذا قَالَ آتِيك بِخَير مِنْهُ كَانَ المُرَاد ثوبا خيرا مِنْهُ بل يجوز أَن يَأْتِيهِ بِشَيْء لَيْسَ بِثَوْب يبين ذَلِك أَنه لَا بُد فِي ذَلِك من إِضْمَار فَلَيْسَ بِأَن يضمر آتِيك بِثَوْب خير بِأولى من أَن يضمر آتِيك بِشَيْء هُوَ خير مِنْهُ وَلَيْسَ يجب إِضْمَار الثَّوْب لِأَنَّهُ قد تقدم ذكره وَلَا يجب إِذا رَجَعَ لَام الْعَهْد إِلَى مَعْهُود قد تقدم ذكره أَن يجب مثله فِي الْإِضْمَار لِأَنَّهُمَا متباينان

وَمِنْهَا أَن قَول الله عز وَجل {نأت بِخَير مِنْهَا} يُفِيد أَنه هُوَ الْمُنْفَرد بالإتيان بِخَير من الْآيَة وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا والناسخ قُرْآن وَالْجَوَاب أَن السّنة إِذا دلّت على نسخ الْقُرْآن فَالَّذِي أَتَى بِمَا هُوَ أَنْفَع مِمَّا كَانَ هُوَ الله عز وَجل أَلا ترى أَنه عز وَجل هُوَ النَّاسِخ والموحي إِلَى نبيه بالنسخ

وَمِنْهَا قَوْلهم نأت بِخَير مِنْهَا يُفِيد أَن الَّذِي يَأْتِي بِهِ خير من الْآيَة على الْإِطْلَاق وَالسّنة لَا تكون خيرا من الْقُرْآن على الْإِطْلَاق لأجل اخْتِصَاص الْقُرْآن بالإعجاز وَالْجَوَاب أَن مَا تضمنه السنه الناسخة خير وأنفع من الْمَنْسُوخ وَلَيْسَ يجب أَن يكون خيرا من الْآيَة من جَمِيع الْوُجُوه لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْله نأت بِخَير مِنْهَا لفظ يعم جَمِيع وُجُوه الْخَيْر

وَمِنْهَا أَن الله عز وَجل قَالَ {ألم تعلم أَن الله على كل شَيْء قدير} فَدلَّ على أَن الَّذِي يَأْتِي بِهِ هُوَ الْمُخْتَص بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْقُرْآن دون غَيره من الْكَلَام وَالْجَوَاب أَن المتمكن من إِزَالَة الحكم إِلَى مَا هُوَ خير مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>