ذَكرْنَاهُ من الْفساد وَلَيْسَ ذَلِك بموجود فِي منع بعض من أَمر بِالْفِعْلِ
وَمِنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي مَكَّة أحلّت لي سَاعَة من نَهَار وَمَعَ ذَلِك منع من الْقِتَال فِيهَا وَهَذَا نسخ قبل وَقت الْفِعْل وَالْجَوَاب أَن إِبَاحَة الْقِتَال فِي تِلْكَ السَّاعَة لَا تَقْتَضِي وُقُوع الْقِتَال فِيهَا لِأَن الْمُبَاح لَا يجب وُقُوعه لَا محَالة فَلَا يمْتَنع أَن يكون نهي عَن الْقِتَال بعد تِلْكَ السَّاعَة وعَلى أَن إِبَاحَة الْقِتَال فِيهَا يُفِيد حسن اخْتِيَاره لَهُ وَحسن كَفه عَنهُ وَمنعه مِنْهُ فَلَا يمْتَنع أَن يحْتَاج الْمَنْع مِنْهُ وَلَا يمْتَنع أَن يكون أُبِيح أَن يقتل فِيهَا قوما مُعينين مثل ابْن خطل وَغَيره وَلم يبح لَهُ الْقِتَال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَنه يحسن نسخ الْعِبَادَة وَإِن كَانَ الْأَمر بهَا مُقَيّدا بِلَفْظ التَّأْبِيد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
ذهب بعض النَّاس إِلَى أَن الله عز وَجل لَو قَالَ لنا افعلوا هَذَا الْفِعْل أبدا لم يجز نسخه وَالَّذِي يفْسد قَوْلهم هُوَ أَن النّسخ إِنَّمَا يرد على عبَادَة قد أمرنَا بهَا بِلَفْظ يُفِيد الِاسْتِمْرَار أَو يدل الدَّلِيل على أَن المُرَاد بِهِ الِاسْتِمْرَار فَلفظ التَّأْبِيد كَغَيْرِهِ من الْأَدِلَّة والألفاظ المفيدة للاستمرار فَكَمَا جَازَ دُخُول النّسخ على هَذِه الْأَلْفَاظ إِمَّا بمقارنة إِشْعَار النّسخ لَهَا أَو من غير مُقَارنَة ذَلِك جَازَ دُخُوله على لفظ التَّأْبِيد فَلَا معنى للفرقة بَينهمَا وَأَيْضًا فقد قَالَ شُيُوخنَا إِن الْعَادة فِي لفظ التَّأْبِيد الْمُسْتَعْمل فِي الْأَمر الْمُبَالغَة لَا الدَّوَام أَلا ترَاهُ هُوَ الْمَفْهُوم من قَول الْقَائِل لغيره لَازم فلَانا أبدا أَو احبسه أبدا أَو امْضِ إِلَى السُّوق أبدا
وَاحْتج الْمُخَالف بأَشْيَاء
مِنْهَا أَن لفظ التَّأْبِيد يُفِيد اسْتِمْرَار وجوب الْفِعْل فِي كل أَوْقَات الْإِمْكَان فَجرى مجْرى أَن ينص الله سُبْحَانَهُ على وجوب عبَادَة فِي كل وَقت من تِلْكَ الْأَوْقَات فَكَمَا لَا يجوز وُرُود النّسخ على هَذَا فَكَذَلِك ذَاك وَالْجَوَاب أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute