للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول أيضا: " أليس الغرب أمة يجب أن نتوجه إليهم بالدعوة ونحن مطالبون بالشهادة على الأمم فكيف للشاهد أن يشهد دون أن يعرف معرفة دقيقة موضوع شهادته" (١).

وقد ازدادت الأصوات المنادية بدارسة الغرب فقد كتب قسطنطين زريق يقول: " إن الحضور الأمريكي في الذهن العربي ليس في مجمله صحيحاً وكافياً لأنه ليس وليداً لدينا من معرفة صادقة وموثوق بها ومن علم حي متنام" (٢).

ولذا تجد أن الغرب يسعى لطلب الكتابة عن الشرق من قبل أهله، فهذا معهد الدراسات الإسلامية في جامعة مقيل قد وجه طلابه المسلمين ليكتبوا عن بلادهم، وأقنعهم بأن هذه الكتابة ستكون في مصلحتهم لأنهم سينظرون إلى مشكلاتهم من بعد (مسافة) وربما قيل لهم " إنكم ستحررون هناك من بعض القيود في بلادكم".

ولكن الأمر المراد من هذا هو أن تتحول بعض الرسائل إلى نوع من التجسس على العالم العربي الإسلامي، بما تقدمه من معلومات يصعب على الغربيين الوصول إليها، كما أشار إلى ذلك أحمد غراب من توجيه بعض الأساتذة تلاميذهم من العرب والمسلمين دراسة قضايا معينة في بلادهم (٣).

وفي الطرف الأخر نجد من يعترض على هذا العلم ويرفضه ويرفض المبالغة فيه، فهذا عبد الرحمن العرابي ينتقد الاهتمام الزائد بالغرب والكتابة عنه، وكتب هاشم صالح منتقداً الدعوة إلى " علم الاستغراب" بدعوى أننا ما زلنا غير قادرين على الوصول إلى ما وصل إليه الغرب من تقدم في العلوم ومناهج البحث، بل إنه استهزأ بمشروع حسن حنفي في دراسة الغرب (الاستغراب) بقوله: " كيف يمكن لهذا "العلم" الغريب الشكل أن ينهض على أسس قويمة إذا كنّا عاجزين حتى الآن عن استيعاب الثورات اللاهوتية والابستمولوجية والفلسفية للفكر الغربي، وإذا كنّا عاجزين عن إحداث مثلها في ساحة الفكر العربي؟ وكيف يمكن لنا أن نقف موقف الند من الغرب إذا كنّا لا نملك أبسط المقومات حتى مشروع الترجمة لم نقم به كما ينبغي" (٤).


(١) متى نخضعهم لدراستنا؟ جريدة المدينة المنورة، عدد ١١٥٣٤، ٢٤ جمادى الأولى ١٤١٥.
(٢) حضور أمريكا في الذهن العربي والحضور العربي في الذهن الأمريكي، قسطنطين زريق، جريدة الحياة، عدد ١٢١٣٤، ٢٨ ذو الحجة ١٤١٦ (١٦ مايو ١٩٩٦).
(٣) رؤية إسلامية للاستشراق، أحمد عبد الحميد غراب: ط ٢ بيرمنجهام: المنتدى الإسلامي ١٤١٢ هـ.
(٤) علم الاستغراب لا يضير الغرب بل يرتد علينا بأفدح الأخطار، هاشم صالح.، جريدة الحياة، عدد ١١٧٤٠، ١٣ ذو القعدة ١٤١٥.

<<  <   >  >>