وفي الجواهر: قال الإمام أبو عبد الله عقب ذكر هذه المسألة - يعني مسألة أنت علي حرام -: وقد اختلفت أجوبة مالك وأصحابه في كنايات الطلاق، فسلكوا فيها طرقا مختلفة، ففي بعضها يحمل اللفظ على الثلاث ولا ينوى في أقل، وفي بعضها ينوى في أقل، وفي بعضها يحمل على الواحدة حتى ينوي أكثر منها، وفي بعضها ينوى قبل الدخول ولا ينوى بعده، وفي بعضها في من لم يدخل بها واحدة، وفي المدخول بها ثلاث، قال: هذا جملة ما يقولونه من ذلك، ويختلفون في بعض الألفاظ من أي هذه الأقسام هو، وتفصيل ذلك، وذكر الروايات فيه، وتعديد الألفاظ فيه طول، ولكنا نعقد أصلا يرجع إليه جميع ما وقع في الروايات على كثرتها، ويعلم منه سبب اختلافهم في ما اختلفوا فيه، ووجه تفرقتهم فيما فرقوا فيه، ووجه التنوية في بعض دون بعض، ثم قال: فاعلم أن الألفاظ الدالة على الطلاق بحكم الوضع واللغة، أو بحكم عرف الاستعمال، إما أن تتضمن البينونة والعدد جميعا، كقوله: أنت طالق ثلاثا، فهذا لا يختلف في وقوع الثلاث به وأنه لا ينوى، ولا يفترق الجواب في المدخول بها وغير المدخول بها، أو تكون دلالته على البينونة وانقطاع الملك خاصة، فينظر في ذلك هل يصح انقطاع الملك والبينونة بالواحد أم لا يصح في الشرع إلا بالثلاث، وهذا أصل مختلف فيه أيضا إذا لم تكن معه معاوضة، أو يكون يدل على عدد غالبا، وقد يستعمل في غيره نادرا، فيحمل مع عدم القصد على الغالب، ومع وجود القصد إلى النادر عليه إذا جاء مستفتيا فيه، وإن كانت عليه بينة فتختلف فروع هذا القسم.