للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومنها العدل بينهن في الجماع، بمعنى أنه يحرم عليه الكف بعد الميل ليقوى نشاطه عند ضرتها، ولا يجب عليه كل ما أصاب واحدة أن يصيب الأخرى، قال في التبصرة: الأصل في ذلك - يعني وجوب القسم - قول الله عز وجل: (فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة) فأباح أربعا مع العدل، وحرم ما بعد واحدة إذا خاف الميل، وأخبر الله عز وجل أن الزوج لا يستطيع أن يأتي ذلك حقيقة، وأمره بما يطيق، فقال تبارك وتعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل) الآية، قيل نزلت في الحب والجماع، فالحب مما لا يستطاع العدل فيه ولا يملك، والجماع تابع له، لأنه عنه ينبعث، فأمر أن يأتي من ذلك ما يطيق، ولا يؤثر من يهوى فوق القدر الذي يغلب عليه، وأن يصلحوا فيعدلوا، ويتقوا الله سبحانه وتعالى في أن لا يميلوا، وفي الترمذي قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها -: كان رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: " اللهم هذه قسمتي في ما أملك فلا تلمني في ما تملك ولا أملك " وقال صلى الله تعالى عليه وسلم: " إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط " (١).

وقوله: كيف كن، يعني سواء كن حرائر، أو إماء، أو مختلفات، أمكن وطؤهن أو لا، منع منه الشرع كالحائض والنفساء والمحرمة والمظاهر منها أو لا كرتقاء ومريضة، وروي أنه لا يجب عليه العدل بين الحرة والأمة، قال ابن الماجشون: ورجع مالك إليه وبه أقول، قال في الإشراف: ودليلنا على التسوية قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " ولأنها مساوية لها في الزوجية فوجب مساواتها لها في القسم كالحرة، ولأن نقصها عن رتبتها لا يوجب نقصانها عنها في القسم كالذمية.


(١) رواه أبو داود والترمذي والدارمي، وهو حديث صحيح.

<<  <   >  >>