للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الشيخ ابن عثيمين: "فمحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تابعة لمحبة الله، وتعظيمنا له - صلى الله عليه وسلم - تابع لتعظيم الله -عز وجل- وهو دون تعظيم الله؛ ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نغلو فيه وأن نجعل له حقًا مساويًا لحق الله -عز وجل-.

والخلاصة: أنه يجب على الإنسان أن يكون تعظيم الله تعالى ومحبته في قلبه أعظم من محبة وتعظيم كل أحد، وأن تكون محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمه في قلبه أعظم من محبة وتعظيم كل مخلوق، وأما أن يساوي بين حق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وحق الله تعالى فيما يختص الله به فهذا خطأ عظيم" (١).

سابعًا: الأصل المعتبر عند الله تعالى هو المحبة الدينية الشرعية، فهي التي يترتب عليها صحة الإسلام وتمام الإيمان، وعليها يقوم الثواب والعقاب، وذلك بخلاف المحبة الطبيعية، فهي كما سبق لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب، ولكن قد تتحول إلى محبة شرعية بحسب نية صاحبها وقصده، وعليه فمن أحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - محبة طبيعية لا يقبل منه حتى يحبه محبة شرعية تابعة لمحبة الرب تعالى.

يقول الحافظ ابن كثير في نصرة أبي طالب للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "ومن عصمة الله لرسوله: حفظه له من أهل مكة وصناديدها وحسادها ومعانديها ومترفيها؛ مع شدة العداوة والبغضة ونصب المحاربة له ليلًا ونهارًا بما يخلقه الله من الأسباب العظيمة بقدرته وحكمته العظيمة، فصانه في ابتداء الرسالة بعمه أبي طالب إذ كان رئيسًا مطاعًا كبيرًا في قريش، وخلق الله في قلبه محبة طبيعية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا شرعية، ولو كان أسلم لاجترأ عليه كفارها وكبارها، ولكن لما كان بينه وبينهم قدر مشترك في الكفر هابوه واحترموه" (٢).


(١) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين (٢/ ٣٠٤).
(٢) تفسير ابن كثير (٢/ ٨٠).