للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حب لله وفي الله، ليست محبة محبوب مع الله كالذين قال الله فيهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٦٥] " (١).

ويقول أيضًا: "وليس للخلق محبة أعظم ولا أكمل ولا أتم من محبة المؤمنين لربهم، وليس في الوجود ما يستحق أن يحب لذاته -من كل وجه- إلا الله تعالى وكل ما يحب سواه فمحبته تبع لحبه؛ فإن الرسول- عليه الصلاة والسلام- إنما يُحَب لأجل الله، ويُطَاع لأجل الله، ويتبع لأجل الله كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} " (٢).

ويقول الإمام ابن القيم: "فإن محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل تقديمه في الحب على الأنفس، وعلى الآباء، والأبناء، لا يتم الإيمان إلا بها، إذ محبته من محبة الله، وكذلك كل حب في الله ولله" (٣).

ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: "محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واجبة تابعة لمحبة الله لازمة لها، فإنها لله ولأجله، تزيد بزيادة محبة الله في قلب المؤمن وتنقص بنقصها، وكل من كان محبًا لله فإنما يحب في الله ولأجله كما يحب الإيمان والعمل الصالح.

وهذه المحبة ليس فيها شيء من شوائب الشرك؛ كالاعتماد عليه ورجائه في حصول مرغوب منه أو دفع مرهوب منه، وما كان فيها ذلك فمحبته مع الله لما فيها من التعلق على غيره والرغبة إليه من دون الله، فبهذا يحصل التمييز بين المحبة في الله ولأجله، التي هي من كمال التوحيد، وبين المحبة مع الله التي هي محبة الأنداد من دون الله لما يتعلق في قلوب المشركين من الإلهية التي لا تجوز إلا لله وحده" (٤).


(١) الرد على الأخنائي (٦٣).
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/ ٦٤٩).
(٣) الجواب الكافي (ص ١٣٣).
(٤) فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (ص ٢٧٥).