للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على صدره، أو على وجهه، أو على صدر طفله، أو على وجهه، وهذا ليس بمشروع، وهو اعتقاد لا أصل له، ففرق بين التعبد والتبرك، ويدل على أن المقصود التعبد المحض دون التبرك أن عمر -رضي الله عنه- قال وهو يقبل الحجر: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك) " (١).

ويقول الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله -: "ومعنى كون الأرض مباركة: أن يكون فيها الخير الكثير اللازم الدائم لها؛ ليكون ذلك أشجع في أن يلازمها أهلها الذين دعوا إليها، وهذا لا يعني - أبدًا - أن يتمسح بأرضها، أو أن يتمسح بحيطانها؛ لأن بركتها لازمة لا تنتقل بالذات. فبركة الأماكن، أو بركة الأرض، ونحو ذلك، بركة لازمة لا تنتقل بالذات؛ يعني: أنك إذا لامستَ الأرض، أو دُفنت فيها، أو تبركت بها، فإن بركتها لا تنتقل إليك بالذات، وإنما بركتها من جهة المعنى فقط (٢).

كذلك بيت الله الحرام هو مبارك لا من جهة ذاته؛ يعني: ليس كما يعتقد البعض أن من تمسح به انتقلت إليه البركة، وإنما هو مبارك من جهة المعنى (٣)؛ يعني: اجتمعت فيه البركة التي جعلها الله في البنية، من جهة تعلق القلوب بها، وكثرة الخير الذي يكون لمن أرادها، وأتاها، وطاف بها، وتعبد عندها.

وكذلك الحجر الأسود، هو حجر مبارك، ولكن بركته لأجل العبادة؛


(١) فتاوى نور على الدرب، لابن عثيمين، التوحيد والعقيدة.
(٢) هذا التعبير والذي بعده في كون بركة (المسجد الحرام ليست بركة ذاتية) فيه نظر، إذ ليس عليه دليل، والصحيح أن بركة المسجد الحرام وغيره من الذوات المباركة بركتها بركة ذاتية؛ أي: أن ذاته نفسها مباركة، فالتعبير بالبركة المعنوية أو بركته من جهة المعنى قد يلزم منه أن الله لم يبارك في ذات قط وإنما بركته حالة ونازلة فيما يتعلق بهذه الذات ولا شك أن هذا خطأ إذ فيه مصادمة للنصوص التي دلت على أن بركة الله تتعلق بالذوات.
(٣) وفي هذا نظر أيضًا. انظر: الحاشية السابقة.