للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باطلة وأنهم على غرور وجهل في ذلك" (١). يقول الإمام القرطبي: "إن إبراهيم بيَّن أن من لا يتكلم ولا يعلم لا يستحق أن يعبد، وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} ليقولوا: إنهم لا ينطقون ولا ينفعون ولا يضرون فيقول لهم: لم تعبدونهم؟ فتقوم عليهم الحجة" (٢)، {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ} (٣).

وفي قوله: {لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} قال السيوطي: "كايدهم بذلك لعلهم يتذكرون أو يبصرون" (٤)، "كما كايد معاذاً عمرو بن الجموح لعله يرجع ويبصر، وأراد إبراهيم - عليه السلام - أن يبين لقومه أن من لا يتكلم ولا يعلم ليس بمستحق للعبادة ولا يصح في العقل أن يطلق عليه أنه إله" (٥)، فكذلك أراد معاذ ومن معه.

وفي قصة إسلام أبي الدرداء على يد عبد الله بن رواحة - رضي الله عنهما - مثال آخر لما سبق، وذلك عندما كان أبو الدرداء متعلقاً بصنم له، وقد وضع عليه منديلاً، وكان عبدالله بن رواحة يدعوه إلى الإسلام فيأبى، وكان له أخاً في الجاهلية قبل الإسلام، فلما رآه قد خرج من بيته خالفه فدخل بيته، وأعجل امرأته، وأنها


(١) التفسير الكبير، الرازي، المجلد الحادي عشر، الجزء الثاني والعشرون، ص ١٥٧ - ١٥٩ (بتصرف).
(٢) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، الجزء الثاني، المجلد السادس، ص ١٥٢.
(٣) سورة الأنبياء، الآيتان: ٦٥ - ٦٦.
(٤) الدر المنثور، السيوطي، ٤/ ٥٧٨.
(٥) فتح القدير، الشوكاني، ٣/ ٩١.

<<  <   >  >>