للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن أبلغ ما يؤثر به في الناس هو القدوة الحسنة؛ "فالنفس مجبولة على عدم الانتفاع بكلام من لا يعمل بعلمه، ولا ينتفع به؛ ولأجل هذه النفرة قال شعيب - عليه السلام - لقومه: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (١)، فكم من داعية أثَّر على الناس بعلمه وبحاله من دون أن يعظهم ويذكرهم، فسيرته تستنطق الأفواه بالتسبيح، وكم من أمم دخلت في دين الإسلام بسبب القدوة الصالحة" (٢).

ولأن هذا الأسلوب هو تطبيق عملي مرئي من المدعوين فإن له نفعاً في إقناعهم وجذب أحاسيسهم للتأمل والتدبر من خلال ذلك القدوة، وما يقوم به، وبذلك يكون هذا في ذاته دعوة إلى الإسلام بدون نطق.

وقد حث القرآن الكريم على أن يكون الإنسان المسلم قدوة حسنة ومثالاً يُحتذى به، وألَّا يكون مثل بني إسرائيل، قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (٣).

وقد حرص الصحابة على أن يكونوا هم أول من يتَّبع ما يدعون إليه، ومن ذلك مواقف كثيرة وعديدة، فأحياناً يتَّبعون الأمر ثم يدعون إليه، وأحياناً تكون أخلاقهم وسيرتهم هي الداعي إلى اتباعهم، ومن هذه المواقف ما يأتي:


(١) سورة هود، الآية: ٨٨.
(٢) البصيرة في الدعوة إلى الله، عزيز فرحان العنزي، ص ١٣٢.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٤٤.

<<  <   >  >>