للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٦) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} (١).

فقد قاوموا الدعوة إلى الله تعالى، فقادوا حملات ضد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من قمع وتعذيب وتكذيب وتشويه سمعة، وهذه سنة الملأ مع جميع الرسل - عليهم السلام - من قبل، فقد تصدى الملأ من قوم نوح لدعوته، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (٢)، يقول الشيخ السعدي: "إنهم لم يكفهم -قبَّحهم الله- أنهم لم ينقادوا له بل استكبروا عن الانقياد له، وقدحوا فيه أعظم قدح، ونسبوه إلى الضلال، ولم يكتفوا بمجرد الضلال حتى جعلوه ضلالاً مبيناً واضحاً لكل أحد" (٣).

كما تصدى الملأ من قوم هود وصالح وشعيب وموسى لهم، وقد ذكر ذلك في القرآن الكريم، كما ذكرت كتب السيرة كثيراً من المواقف والأحداث التي تصدى فيها الملأ من المشركين لدعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك تحذيرهم القادمين إلى مكة من الاستماع إليه - صلى الله عليه وسلم - وأذيته ومحاولة قتله، كما أنهم عذبوا أصحابه - رضي الله عنهم - وقتلوا من قتلوا منهم، كآل ياسر - رضي الله عنهم -، ولم يقتصر ذلك على الملأ من أهل


(١) سورة ص، الآيات: ٤ - ٨.
(٢) سورة الأعراف، الآيتان: ٥٩ - ٦٠.
(٣) تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٣٣٠.

<<  <   >  >>