للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تتسم بالخصوصية، فإنها قائمة على اللين في التعامل، والعطف والرحمة من أحدهما للآخر، وذلك من مقومات الزواج الناجح، حيث جعل الله - سبحانه وتعالى - بينهم المودة والرحمة، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (١)، يقول الشيخ السعدي: "لا تجد بين أحد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة" (٢).

وهذا كان له تأثير واضح في دعوة الأزواج لبعضهم، ومن ذلك ما كان من الصحابة مع المدعوين من أزواجهم، ففي دعوة أم حكيم لزوجها عكرمة بن أبي جهل - رضي الله عنهما - جوانب عدة من الرحمة والمودة والشفقة، فمن أول هذه الجوانب لحاقها به وتكبدها المشقة وهي امرأة، وكان همها أن تلحق بزوجها وتدعوه إلى الإسلام، والجانب الثاني: هو ذكرها لفضل الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث قالت له: يا ابن عم، جئتك من عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس، لا تهلك نفسك، وذلك الذكر خصت به صفات معينة من صفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - فذكرت الصلة والبر والخير، ولم تذكر الشجاعة والحزم والأمانة والصدق وغيرها من شمائل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وما ذكرت ذلك إلا لأن ذلك هو أساس العلاقة بين الزوج وزوجته، أما الجانب الثالث: أنها بدأت بقولها له: يا ابن عم، وفيه إشارة إلى حفظها للود الذي بينهما، ولم تنسه حتى بعد تركه لها ومغادرته مكة هارباً، والجانب الرابع: قولها له: لا تهلك نفسك، ففي ذلك بروز جانب الشفقة عليه من الهلاك في


(١) سورة الروم، الآية: ٢١.
(٢) تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٧٥١.

<<  <   >  >>