للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك لأن يوم الزينة ووقت الضحى يحصل فيه من كثرة الاجتماع، ورؤية الأشياء على حقائقها ما لا يحصل في غيره" (١)، فذلك من وحي الله أولاً ثم من فطنة موسى - عليه السلام - وتحرِّيه للمكان والزمان المناسبين لإظهار الحق.

وقد كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - في دعوته يتحرَّى الأوقات والأماكن المناسبة، وذلك في المناسبات، كعرضه نفسه على القبائل في مواسم الحج والأسواق كعكاظ وذي المجاز وغيرها، وعندما بايع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من بايعه في العقبة الأولى وعلم أن الفرصة سانحة لدعوة أهل المدينة أرسل لهم مصعب بن عمير - رضي الله عنه -، ولم يتردد في ذلك، فالمكان والزمان مناسبان.

ومن تهيئة الداعية للقيام بأمور الدعوة أن يُعَدَّ لمعرفة متى وأين يدعو؛ لأنه بهذين السؤالين يتمكن من معرفة كيف يدعو، ولأن الصحابة هم أول الدعاة فإن إعدادهم كان قائماً على القرآن وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يستمدون منها أمور إعداد الداعي.

وفي القرآن شواهد على تحرِّي الوقت والمكان، ومن ذلك: دعوة يوسف - عليه السلام - لصاحبيه في السجن، حيث كان أول ما تحدث به معهما قبل أن يجيب على أسئلتهما الدعوة إلى الله، قال تعالى: {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (٢).


(١) تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٥٩١.
(٢) سورة يوسف، الآيتان: ٣٩ - ٤٠.

<<  <   >  >>