وأيضاً من أدلة الاجتماع وعدم التفرقة في الدعوة، توافق الرسل الذين أرسلهم سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - إلى رستم، وكيف كانت كلمتهم واحدة، وأنهم واثقون من أن المسلمين سوف يتبعون ما اتفقوا عليه مع رستم، ولن يختلفوا معهم؛ مما أعطى انطباعاً لدى الفرس عن مدى قوة المسلمين وتماسكهم ومنعتهم.
ومن ذلك اجتماع المسلمين على سلمان الفارسي - رضي الله عنه - يوم القصر الأبيض وطاعتهم له عندما دعا الفرس وأعطاهم ثلاثة أيام قبل أن ينهدَّ عليهم، ويفتح حصونهم، وهو داعيتهم، ولم يكن أمير الجند آنذاك.
ومن هذا تتبين أهمية الاجتماع وعدم التفرق، وحرص الصحابة عليه، وأن باجتماع الدعاة يجتمع الناس ويتفقون، وبتفرقهم تفريق للأمة وإضعاف لها، وجعلها أحزاباً كل حزب معادٍ للآخر، ومتربص به، ويبحث عن هفواته وزلاته، فيصبح هَمُّ الدعاة زيادة الفجوة بين الناس لكسب تأييدهم، وزيادة أتباعهم، والقدح والتجريح فيمن هو مخالف لهم، ونسوا أن هناك من يتربص بهذا الدين، ويحيك له المؤامرات والمكائد؛ لكي يبعد الناس عن الحق، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم ((١).
(١) صحيح مسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس، وأن مع كل إنسان قريناً، رقم ٧١٠٣، ص ١٢٢٤.