هِيَ الْفَاتِحَة وَلَيْسَ مُرَاده بذلك أَنهم كَانُوا لَا يذكرُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
فَانْظُر إِلَى مَا أدَّت إِلَيْهِ الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى على قَول هَؤُلَاءِ حَتَّى نَشأ بذلك من الِاخْتِلَاف فِي هَذَا الْأَمر المهم مَا لَا يخفى على ناظره
وَقَالَ ابْن الصّلاح فِي الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الصَّحِيح الْمُتَعَلّقَة بِدُخُول الْجنَّة بِمُجَرَّد الشَّهَادَة مثل حَدِيث من مَاتَ وَهُوَ يعلم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة
وَحَدِيث من شهد أَن لَا إِلَه إِلَى الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله حرم الله عَلَيْهِ النَّار
وَحَدِيث لَا يشْهد أحد أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله فَيدْخل النَّار أَو تطعمه يجوز أَن يكون ذَلِك اقتصارا من بعض الروَاة نَشأ من تَقْصِيره فِي الْحِفْظ والضبط لَا من رَسُول الله ص = بِدلَالَة مَجِيئه تَاما فِي رِوَايَة غَيره وَيجوز أَن يكون اختصارا من رَسُول الله فِيمَا خَاطب بِهِ الْكفَّار عَبدة الْأَوْثَان الَّذين كَانَ توحيدهم لله تَعَالَى مصحوبا بِسَائِر مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْإِسْلَام ومستلزما لَهُ
وَاعْلَم أَن الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى قد أحسن بضررها كثير من الْعلمَاء وَشَكوا مِنْهَا على اخْتِلَاف علومهم غير أَن مُعظم ضررها كَانَ فِي الحَدِيث وَالْفِقْه لعظم أَمرهمَا وَقد نسب لكثير من الْعلمَاء الْأَعْلَام أَقْوَال بعيدَة عَن السداد جدا اتخذها كثير من خصومهم ذَرِيعَة لِلطَّعْنِ فيهم والازدراء بهم ثمَّ تبين بعد الْبَحْث الشَّديد والتتبع أَنهم لم يَقُولُوا بهَا وَإِنَّمَا نشأت نسبتها إِلَيْهِم من أَقْوَال رَوَاهَا الرَّاوِي عَنْهُم بِالْمَعْنَى فقصر فِي التَّعْبِير عَمَّا قَالُوهُ فَكَانَ من ذَلِك مَا كَانَ
فَيَنْبَغِي لكل ذِي نباهة أَن لَا يُبَادر بالاعتراض على الْمَشْهُورين بِالْفَضْلِ والنبل بِمُجَرَّد أَن يبلغهُ قَول ينبو السّمع عَنهُ عَن أحد مِنْهُم وليتثبت فِي ذَلِك وَإِلَّا كَانَ جَدِيرًا بالملام
هَذَا وَقد تعرض الْعَلامَة النحرير نجم الدّين أَحْمد بن حمدَان الْحَرَّانِي الْحَنْبَلِيّ للضَّرَر الَّذِي نَشأ من الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فِي مذْهبه فَقَالَ فِي آخر كتاب صفة الْمُفْتِي فِي بَاب جعله لبَيَان عُيُوب التَّأْلِيف وَغير ذَلِك ليعرف الْمُفْتِي كَيفَ يتَصَرَّف فِي الْمَنْقُول