للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تصور فِي نَفسه بِأَلْفَاظ أخر كَانَ قد حدث بِخِلَاف مَا سمع من يغر قصد مِنْهُ إِلَى ذَلِك

وَذَلِكَ أَن الْكَلَام الْوَاحِد قد يحْتَمل مَعْنيين وَثَلَاثَة وَقد يكون فِيهِ اللَّفْظَة الْمُشْتَركَة الَّتِي تقع على الشَّيْء وضده فَفِي مثل هَذَا يجوز أَن يذهب النَّبِي ص = إِلَى الْمَعْنى الْوَاحِد وَيذْهب الرَّاوِي عَنهُ إِلَى الْمَعْنى الآخر فَإِذا أدّى معنى مَا سمع دون لَفظه بِعَيْنِه كَانَ قد روى عَنهُ ضد مَا أَرَادَهُ غير عَامِد وَلَو أدّى لَفظه بِعَيْنِه لَأَوْشَكَ أَن يفهم مِنْهُ الآخر مَا لم يفهم الأول وَقد علم ص = أَن هَذَا سيعرض بعده فَقَالَ محذرا من ذَلِك (نضر الله امْرأ سمع مَقَالَتي فوعاها وأداها كَمَا سَمعهَا فَرب مبلغ أوعى من سامع)

وَإِن أَحْبَبْت أَن تعرف مِقْدَار مَا قد تُؤدِّي إِلَيْهِ الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فيكفيك أَن تنظر فِي الحَدِيث الَّذِي انْفَرد بِإِخْرَاجِهِ مُسلم فِي صَحِيحه من رِوَايَة الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ عَن قَتَادَة أَنه كتب إِلَيْهِ يُخبرهُ عَن أنس بن مَالك أَنه حَدثهُ فَقَالَ صليت خلف النَّبِي ص = وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَكَانُوا يستفتحون بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين لَا يذكرُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي أول قِرَاءَة وَلَا آخرهَا

ثمَّ رَوَاهُ من رِوَايَة الْوَلِيد عَن الْأَوْزَاعِيّ أَخْبرنِي إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة أَنه سمع أنسا يذكر ذَلِك

وروى مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن حميد عَن أنس قَالَ صليت وَرَاء أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فكلهم كَانَ لَا يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

وَزَاد فِيهِ الْوَلِيد بن مُسلم عَن مَالك صليت خلف رَسُول الله ص =

وَقد أعل بعض الْمُحدثين الحَدِيث الْمَذْكُور وَقَالُوا إِن من رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور قد رَوَاهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي وَقع فِي نَفسه فَإِنَّهُ فهم من قَول أنس كَانُوا يستفتحون بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين أَنهم كَانُوا لَا يذكرُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَرَوَاهُ على مَا فهم وَأَخْطَأ لِأَن مُرَاد أنس بَيَان أَن السُّورَة الَّتِي كَانُوا يفتتحون بهَا من السُّور

<<  <  ج: ص:  >  >>