للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والخفاء لِأَن الْخطاب يَقع تَارَة بالمحكم وَتارَة بالمتشابه لحكم وأسرار اسْتَأْثر الله بعلمها فَلَا يجوز تغييرها عَن وصفهَا

لنا وُجُوه الأول أَن الصَّحَابَة نقلوا قصَّة وَاحِدَة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة مَذْكُورَة فِي مجْلِس وَاحِد وَلم يُنكر بَعضهم على بعض فِيهِ وَذَلِكَ يدل على قَوْلنَا

الثَّانِي أَنه يجوز شرح الشَّرْع للعجم بلسانهم فَإِذا جَازَ إِبْدَال الْعَرَبيَّة بالعجمية فبأن يجوز إبدالها بعربية أُخْرَى أولى وَمن أنصف علم أَن التَّفَاوُت بَين الْعَرَبيَّة وترجمتها بِالْعَرَبِيَّةِ أقل مِمَّا بَينهَا وَبَين العجمية

الثَّالِث أَنه رُوِيَ عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ إِذا أصبْتُم الْمَعْنى فَلَا بَأْس

وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ إِذا حَدِيث قَالَ قَالَ رَسُول الله كَذَا أَو نَحوه

الرَّابِع وَهُوَ الْأَقْوَى أَنا نعلم بِالضَّرُورَةِ أَن الصَّحَابَة الَّذين رووا عَن رَسُول الله ص = فِي ذَلِك الْمجْلس بل كَمَا سمعوها يذكرونها وَمَا ذكروها إِلَّا بعد الْأَعْصَار والسنين وَذَلِكَ يُوجب الْقطع بتعذر رِوَايَتهَا على تِلْكَ الْأَلْفَاظ

احْتج الْمُخَالف بِالنَّصِّ والمعقول

أما النَّص فَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام رحم الله امْرأ سمع مَقَالَتي فوعاها ثمَّ أَدَّاهَا كَمَا سَمعهَا

قَالُوا وأداؤه كَمَا سمع هُوَ أَدَاء اللَّفْظ المسموع

وَنقل الْفَقِيه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ مَعْنَاهُ وَالله أعلم أَن الأفطن رُبمَا فطن بِفضل فقهه من فَوَائِد اللَّفْظ بِمَا لم يفْطن لَهُ الرَّاوِي لِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ دونه فِي الْفِقْه

وَأما الْمَعْقُول فِيمَن وَجْهَيْن

الأول أَنا لما جربنَا رَأينَا أَن الْمُتَأَخر رُبمَا استنبط من فَوَائِد بِآيَة أَو خبر مَا لم يتَنَبَّه لَهُ أهل الْأَعْصَار السالفة من الْعلمَاء الْمُحَقِّقين فَعلمنَا أَنه لَا يجب فِي كل مَا كَانَ من فَوَائِد اللَّفْظ أَن يتبنه لَهُ السَّامع فِي الْحَال وَإِن كَانَ فَقِيها ذكيا نَفسه فَلَو جَوَّزنَا النَّقْل بِالْمَعْنَى فَرُبمَا حصل التَّفَاوُت الْعَظِيم مَعَ أَن الرَّاوِي يظنّ أَن لَا تفَاوت

<<  <  ج: ص:  >  >>