إِن مَا لم يعلم من شرائع من قبلنَا إِلَّا من جِهَة المنتمين إِلَيْهَا فَهَذَا لَا بحث فِيهِ لاختلاط مَا صَحَّ مِنْهُ بِمَا لم يَصح على وَجه يحار فِيهِ الجهبذ النحرير
وَأما مَا علم من غير جهتهم وَهُوَ مَا ذكر مِنْهَا فِي الْكتاب وَالسّنة فَمِنْهُ مَا دلّ الدَّلِيل على الخذ بِهِ وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ وَمِنْه مَا دلّ الدَّلِيل على نسخه فِي شرعنا وَهَذَا أَيْضا كَذَلِك وَمِنْه مَا لم يدل الدَّلِيل على الْأَخْذ بِهِ وَلَا على نسخه فَهَذَا هُوَ الَّذِي اخْتلف فِيهِ
فَقَالَ بَعضهم هُوَ شرع لنا وَقَالَ بَعضهم لَيْسَ بشرع لنا وَمِمَّنْ قَالَ هُوَ شرع لنا مَالك وَجُمْهُور أَصْحَابه وَأَصْحَاب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ قَالَ بَان السَّمْعَانِيّ قد اومأ إِلَيْهِ الشَّافِعِي فِي بعض كتبه وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ ذهب إِلَيْهِ مُعظم أَصْحَابنَا يَعْنِي الْمَالِكِيَّة وَقَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب إِنَّه الَّذِي تَقْتَضِيه أصُول مَالك
وَنقل ذَلِك عَن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ البرذوي فِي أُصُوله قَالَ بعض الْعلمَاء تلزمنا شرائع من قبلنَا حَتَّى يقوم الدَّلِيل على النّسخ بِمَنْزِلَة شرائعنا وَقَالَ بَعضهم لَا تلزمنا حَتَّى يقوم الدَّلِيل وَقَالَ بَعضهم تلزمنا على انها شريعتنا
وَالصَّحِيح عندنَا أَن مَا قصّ الله تَعَالَى مِنْهَا علينا من غير إِنْكَار أَو قصَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير إِنْكَار فَإِنَّهُ يلْزمنَا على أَنه شَرِيعَة رَسُولنَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام