عليه، وحثهم على التمسك به، حتى لو كان ذلك بكتم السر عنهم هم أنفسهم.
لأنه كان خادمه، ويقضي له كثيرًا من حوائجه، ويرسله في طلبات له ولآل بيته، اطَّلع أنس بن مالك - رضي الله عنه - الصبي الصغير على بعض أسراره - صلى الله عليه وسلم -، لكن إلى أي مدى يكتم أنس هذه الأسرار؟ وحتى متى لا يُحدِّث بها؟ لِنَدع الجواب لأنس نفسه:
يقول: خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا، حتى إذا رأيت أني قد فرغت من خدمته، قلت: يقيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرجت متوجها إلى أهلي، فمررت بغلمان يلعبون، فأعجبني لعبهم، فقمت على الغلمان، فانتهى إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا قائم على الغلمان، فسلَّم على الغلمان، ثم أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة له. وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في فيء حتى أتيته، فرجعت إلى أهلي بعد الساعة التي كنت أرجع إليهم فيها، فقالت لي أمي: ما حبسك اليوم يا بني؟
فقلت:«أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة له».
فقالت: أي حاجة يا بني؟
فقلت:«يا أمَّاه! إنها سِرٌّ».
فقالت: يا بني! احفظ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سِرَّه.
أنْعِم بأمِّ سليم من أُمٍّ تربي صغيرها على حفظ السر، حتى عن نفسها،