وَصَلَحَ مَعَ ذَلِكَ لِإِفَادَتِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَالْإِرْشَادِ إِلَيْهِ وَتَفْهِيمِهِ، يَتَذَكَّرُ بِهَا مَا كَانَ عَنْهُ ذَاهِلًا، (وَ) كَذَا لِلرَّاوِي (الْمُسْنِدِ) الَّذِي اعْتَنَى بِالْإِسْنَادِ فَقَطْ، فَهُوَ يَتَذَكَّرُ بِهَا كَيْفِيَّةَ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ، كَمَا يَتَذَكَّرُ بِهَا الْمُنْتَهِي مَجْمُوعَ الْفَنِّ، فَبَيْنَ الْمُسْنِدِ وَالْمُنْتَهِي عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، وَأُشِيرَ بِـ (التَّبْصِرَةِ وَالتَّذْكِرَةِ) إِلَى لَقَبِ هَذِهِ الْمَنْظُومَةِ، وَهُمَا بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ لَهُ تُرِكَ فِيهِ الْعَاطِفُ، وَلَمْ أَتَكَلَّفْ تَخْلِيصَ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ بُطُونِ الْكُتُبِ وَالدَّفَاتِرِ.
وَلَكِنْ (لَخَّصْتُ فِيهَا ابْنَ الصَّلَاحِ) أَيْ: مَقَاصِدَ كِتَابِهِ الشَّهِيرِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يُوسُفَ: ٨٢] حَيْثُ اخْتَصَرْتُ مِنْ أَلْفَاظِهِ، وَأَثْبَتُّ مَقْصُودَهُ (أَجْمَعَهْ) ، وَلَا يُنَافِي التَّأْكِيدَ حَذْفُ كَثِيرٍ مِنْ أَمْثِلَتِهِ وَتَعَالِيلِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ; إِذْ هُوَ تَأْكِيدٌ لِلْمَقْصُودِ الْمُقَدَّرِ ; كَأَنَّهُ قَالَ: لَخَّصْتُ الْمَقْصُودَ أَجْمَعَهُ.
وَالتَّأْكِيدُ بِـ " أَجْمَعَ " غَيْرُ مَسْبُوقٍ بِـ " كُلٍّ " وَاقِعٌ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُ: إِذًا ظَلَلْتُ الدَّهْرَ أَبْكِي أَجْمَعَا.
وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِلتَّقْوِيَةِ كَـ {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: ٣٠] . [الْحِجْرِ: ٣٠]
[تَرْجَمَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ] وَ (الصَّلَاحُ) تَخْفِيفٌ مِنْ لَقَبِ وَالِدِهِ، فَإِنَّهُ هُوَ الْعَلَّامَةُ الْفَقِيهُ، حَافِظُ الْوَقْتِ، مُفْتِي الْفِرَقِ، شَيْخُ الْإِسْلَامِ، تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ ابْنُ الْإِمَامِ الْبَارِعِ صَلَاحِ الدِّينِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الشَّهْرُزُورِيُّ الْمَوْصِلِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ.
كَانَ إِمَامًا بَارِعًا حُجَّةً، مُتَبَحِّرًا فِي الْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ، بَصِيرًا بِالْمَذْهَبِ وَوُجُوهِهِ، خَبِيرًا بِأُصُولِهِ، عَارِفًا بِالْمَذَاهِبِ، جَيِّدَ الْمَادَّةِ مِنَ اللُّغَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute