للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْكِفَايَةِ) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مَهْرَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنِ اللَّحْنِ فِي الْحَدِيثِ - يَعْنِي إِذَا لَمْ يُغَيِّرِ الْمَعْنَى - فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ.

وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنَ الذَّمِّ الشَّدِيدِ لِمَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يُبْصِرِ الْعَرَبِيَّةَ، كَقَوْلِ شُعْبَةَ: إِنَّ مَثَلَهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ عَلَيْهِ بُرْنُسٌ وَلَيْسَ لَهُ رَأْسٌ. وَقَوْلِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: إِنَّهُ كَمَثَلِ الْحِمَارِ عَلَيْهِ مِخْلَاةٌ لَا شَعِيرَ فِيهَا. الَّذِي نَظَمَهُ جَعْفَرٌ السَّرَّاجُ شَيْخُ السِّلَفِيِّ فِي قَوْلِهِ:

مَثَلُ الطَّالِبِ الْحَدِيثَ وَلَا ... يُحْسِنُ نَحْوًا وَلَا لَهُ آلَاتُ

كَحِمَارٍ قَدْ عُلِّقَتْ لَيْسَ فِيهَا ... مِنْ شَعِيرٍ بِرَأْسِهِ مِخْلَاتُ

فَذَاكَ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهَا عَمَلٌ أَصْلًا، عَلَى أَنَّ رُبَّ شَخْصٍ يَزْعُمُ مَعْرِفَتَهُ بِذَلِكَ، وَهُوَ إِنْ قَرَأَ لَحَّنَهُ النُّحَاةُ، وَخَطَّأَهُ لِتَصْحِيفِهِ الرُّوَاةُ، فَهُوَ كَمَا قِيلَ:

هُوَ فِي الْفِقْهِ فَاضِلٌ لَا يُجَارَى ... وَأَدِيبٌ مِنْ جُمْلَةِ الْأُدَبَاءِ

لَا إِلَى هَؤُلَاءِ إِنْ طَالَبُوهُ ... وَجَدُوهُ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ

وَقَدْ كَانَ لِعَمْرِو بْنِ عَوْنٍ الْوَاسِطِيِّ مُسْتَمْلٍ يَلْحَنُ كَثِيرًا فَقَالَ: أَخِّرُوهُ. وَتَقَدَّمَ إِلَى وَرَّاقٍ كَانَ يَنْظُرُ فِي الْأَدَبِ وَالشِّعْرِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ، فَكَانَ لِكَوْنِهِ لَا يَعْرِفُ شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ يُصَحِّفُ فِي الرُّوَاةِ كَثِيرًا، فَقَالَ عَمْرٌو: رُدُّونَا إِلَى الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَلْحَنُ فَلَيْسَ يَمْسَخُ. وَنَحْوُ هَذَا الصَّنِيعِ تَرْجِيحُ شَيْخِنَا مَنْ عَرَفَ مُشْكِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>