للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكِنَّ الْجَوَازَ قَدْ حَكَاهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي " فَتَاوَاهُ " عَنِ الْمُحَدِّثِينَ، وَلَمْ يَحْكِ عَنْهُمْ خِلَافَهُ ; إِمَّا بِالنَّظَرِ لِمَا اسْتَقَرَّ عَلَيَهِ عَمَلُهُمْ - كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ - أَوْ لِكَوْنِهِ مَذْهَبَ أَكْثَرِهِمْ كَمَا اقْتَضَاهُ تَقْرِيرُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي كَوْنِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَالْأُولَى الَّتِي الْأَكْثَرُ فِيهَا عَلَى الْجَوَازِ.

وَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ مَشَى شَيْخُنَا، بَلْ وُجِدَ فِي (صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ) بَلَاغًا بِخَطِّهِ عِنْدَ مَوْضِعٍ مِنْهُ، وَفِي أَوَّلِهِ أَثْبَتَ مَا يَدُلُّ لَأَزْيَدَ مِنْهُ، فَحَكَى حِينَ إِيرَادِ سَنَدِهِ صُورَةَ الْحَالِ مَعَ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَعَدَمِ مُنَافَاةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَلِذَا أَقُولُ: إِنَّهُ يَحْسُنُ الْإِفْصَاحُ بِالْوَاقِعِ، بَلْ قَالَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ: إِنَّهُ يَتَعَيَّنُ.

ثُمَّ إِنَّهُ لِكَوْنِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ نِسْيَانَهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ يَجُوزُ لِلْفَرْعِ رِوَايَةُ مَا سَمِعَهُ مِنْ شَيْخِهِ مَعَ تَصْرِيحِ الشَّيْخِ بَعْدَ تَحْدِيثِهِ إِيَّاهُ بِمَا يَقْتَضِي نِسْيَانَهُ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ هُنَا: وَهَذَا يُشْبِهُ مَا إِذَا نَسِيَ الرَّاوِي سَمَاعَهُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ رِوَايَتُهُ عَنْهُ، وَلَا يَضُرُّهُ نِسْيَانُ شَيْخِهِ. انْتَهَى.

عَلَى أَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ قَدْ حَكَى فِي (الْعُدَّةِ) فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إِسْقَاطَ الْمَرْوِيِّ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ مَعْرِفَةِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ، مَعَ الْإِشَارَةِ لِلتَّوَقُّفِ فِيهِ، فَإِمَّا أَنْ يُخَصَّ بِالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ، أَوْ يُسْتَثْنَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ.

وَبَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهِيَ مَا إِذَا كَانَ ذَاكِرًا لِسَمَاعِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَجِدْ بِذَلِكَ خَطًّا، وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي " فَتَاوَاهُ ": إِنَّ مُقْتَضَى الْفِقْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>