للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ حَفِظَ مِنْ كِتَابِهِ ثُمَّ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ، لَكِنْ قَدْ كَانَ شُعْبَةُ رُبَّمَا نَصَّ عَلَى أَنَّ حِفْظَهُ مِنْ كِتَابِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ حَفِظَهُ مِنْ فَمِ شَيْخِهِ ابْتِدَاءً. ثُمَّ إِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَصْوِيبِ ابْنِ الصَّلَاحِ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

وَصَوَّبَ الشَّيْخُ لِقَوْلِ الْأَكْثَرِ ... وَهْوَ الصَّوَابُ لَيْسَ فِيهِ نَمْتَرِي

[حُكْمُ مَنْ رَأَى سَمَاعَهُ فِي الْكِتَابِ] :

(وَإِذَا رَأَى) الْمُحَدِّثُ (سَمَاعَهُ) فِي كِتَابٍ بِخَطِّهِ، أَوْ بِخَطِّ مَنْ يَثِقُ بِهِ - سَوَاءٌ الشَّيْخُ أَوْ غَيْرُهُ - فَلَا يَخْلُو، إِمَّا أَنْ يَتَذَكَّرَهُ أَوْ لَا، فَإِنْ تَذَكَّرَهُ - وَهُوَ أَرْفَعُ الْأَقْسَامِ - جَازَتْ لَهُ رِوَايَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَافِظًا لَهُ، وَبِلَا خِلَافٍ إِنْ كَانَ لَهُ حَافِظًا، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْهُ بَلْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ غَيَّرَ سَمَاعَهُ فَقَدْ تَعَارَضَا، وَالظَّاهِرُ اعْتِمَادُ مَا فِي ذِكْرِهِ، وَقَدْ حَكَى لَنَا شَيْخُنَا عَنْ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ مِمَّنْ أَخَذَ عَنْ شَيْخِنَا، بَلْ وَأَخَذَ شَيْخُنَا أَيْضًا عَنْهُ، وَثَنَا عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ الطَّبَقَةَ قَبْلَ سَمَاعِهِ قَصْدًا لِلْإِسْرَاعِ، لَكِنْ يُؤَخِّرُ تَعْيِينَ التَّارِيخِ، وَطُعِنَ فِيهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ، وَفِيهِ مُتَمَسَّكٌ لِلْمَانِعِينَ.

(وَ) إِنْ (لَمْ يَذْكُرْ) سَمَاعَهُ لَهُ، يَعْنِي: وَلَا عَدَمَهُ (فَعَنْ) أَبِي حَنِيفَةَ (نُعْمَانَ) أَيِ: النُّعْمَانِ أَيْضًا (الْمَنْعُ) مِنْ رِوَايَتِهِ، يَعْنِي: وَإِنْ كَانَ حَافِظًا لِمَا فِي الْكِتَابِ فَضْلًا عَمَّا لَمْ يَعْرِفْهُ، كَمَا جَاءَ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كُتُبِي بِخَطِّي عَنْ شُعْبَةَ مَا لَمْ أَعْرِفْهُ فَطَرَحْتُهُ. وَعَنْ شُعْبَةَ قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطِّي فِي كِتَابٍ عِنْدِي، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «لَمْ يَحْتَجِمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» . مَا أَدْرِي كَيْفَ كَتَبْتُهُ، وَلَا أَذْكُرُ أَنِّي سَمِعْتُهُ.

وَهُوَ مُقْتَضَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالصَّيْدَلَانِيُّ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، إِذْ ضَبْطُ أَصْلِ السَّمَاعِ كَضَبْطِ الْمَسْمُوعِ، وَلَعَلَّ الصَّيْدَلَانِيَّ هُوَ الْمَقْرُونُ عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ تَبَعًا لِعِيَاضٍ بِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>