أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَا يُحَدِّثِ الرَّجُلُ إِلَّا بِمَا يَعْرِفُ وَيَحْفَظُ. وَ (كَذَا) رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ (مَالِكٍ) هُوَ ابْنُ أَنَسٍ كَمَا أَخْرَجَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْخَطِيبُ وَأَبُو الْفَضْلِ السُّلَيْمَانِيُّ فِي (الْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ) لَهُ، وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنْ أَشْهَبَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا: أَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَمَّنْ لَا يَحْفَظُهُ - زَادَ الْخَطِيبُ: وَهُوَ ثِقَةٌ صَحِيحٌ -؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ يُخْرِجُ كِتَابَهُ وَيَقُولُ: هُوَ سَمَاعِي. قَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَرَى أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُ، فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يُكْتَبَ فِي كِتَابِهِ - يَعْنِي مَا لَيْسَ مِنْهُ - زَادَ الْخَطِيبُ: بِاللَّيْلِ - ثُمَّ اتَّفَقَا - وَهُوَ لَا يَدْرِي.
(وَ) رُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَحَدِ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ (الصَّيْدَلَانِيِّ) الْمَرْوَزِيِّ، وَنُسِبَ لِلزَّيْنِ الْكَتَّنَانِيِّ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتِيَارُهُ، حَتَّى كَانَ يَقُولُ: أَنَا لَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَرْوِيَ إِلَّا حَدِيثَ: (
«
أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ
،
أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
»
) لِأَنِّي مِنْ حِينِ سَمِعْتُهُ لِمَ أَنْسَهُ.
وَظَاهِرُ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقُولَ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ أَنْ أَقُولَهَا، لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي، فَمَنْ وَعَاهَا وَعَقِلَهَا وَحَفِظَهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَتَّى تَنْتَهِيَ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمَنْ خَشِيَ أَلَّا يَعِيَهَا فَإِنِّي لَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ.
وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْغَافِقِيِّ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute