للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ (أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا) أَيِ: الْإِجَازَةَ (لَا تُقْبَلُ إِلَّا لِمَاهِرٍ) بِالصِّنَاعَةِ، حَاذِقٍ فِيهَا، يَعْرِفُ كَيْفَ يَتَنَاوَلُهَا (وَ) فِي (مَا لَا يُشْكِلُ) إِسْنَادُهُ ; لِكَوْنِهِ مَعْرُوفًا مُعَيَّنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُحَدِّثَ الْمُجَازُ لَهُ عَنِ الشَّيْخِ بِمَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، أَوْ يُنْقِصَ مِنْ إِسْنَادِهِ الرَّجُلَ وَالرَّجُلَيْنِ، وَقَدْ رَأَيْتُ قَوْمًا وَقَعُوا فِي هَذَا، وَإِنَّمَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ الْإِجَازَةَ لِهَذَا.

وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا حَكَاهُ الْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ، قَالَ: مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لِلطَّالِبِ: أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي مَا شِئْتَ مِنْ حَدِيثِي، لَا يَصِحُّ إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ أُصُولَهُ، أَوْ فُرُوعًا كُتِبَتْ مِنْهَا، وَيَنْظُرُ فِيهَا وَيُصَحِّحُهَا.

وَعَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ قَالَ: الِاسْتِجَازَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ لِلْعَمَلِ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُجَازِ لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ وَالْفَهْمِ بِاللِّسَانِ، وَإِلَّا لَمْ يَحِلْ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا، فَرُبَّمَا كَانَ فِي مَسْأَلَتِهِ فَصْلٌ أَوْ وَجْهٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُجِيزُ، وَلَوْ عَلِمَهُ لَمْ يَكُنْ جَوَابُهُ مَا أَجَابَ بِهِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ لِلرِّوَايَةِ خَاصَّةً، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالنَّقْلِ وَالْوُقُوفِ عَلَى أَلْفَاظِ مَا أُجِيزَ لَهُ ; لِيَسْلَمَ مِنَ التَّصْحِيفِ وَالتَّحْرِيفِ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ عُلُوَّ الْإِسْنَادِ بِهَا فَفِي نَقْلِهِ بِهَا ضَعْفٌ.

وَقَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: أَصْلُ الْإِجَازَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَمَنْ أَجَازَهَا فَهِيَ قَاصِرَةٌ عِنْدَهُ عَنْ رُتْبَةِ السَّمَاعِ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ مِنْ كُلِّ مَنْ يَجُوزُ مِنْهُ السَّمَاعُ، وَإِنْ تَرَخَّصَ مُتَرَخِّصٌ وَجَوَّزَهَا مِنْ كُلِّ مَنْ يَجُوزُ مِنْهُ السَّمَاعُ، فَأَقَلُّ مَرَاتِبَ الْمُجِيزِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَعْنَى الْإِجَازَةِ الْعِلْمَ الْإِجْمَالِيَّ مِنْ أَنَّهُ رَوَى شَيْئًا، وَأَنَّ مَعْنَى إِجَازَتِهِ لِغَيْرِهِ إِذْنُهُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ فِي رِوَايَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَنْهُ بِطَرِيقِ الْإِجَازَةِ الْمَعْهُودَةِ مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ، لَا الْعِلْمَ التَّفْصِيلِيَّ بِمَا رُوِيَ وَبِمَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الْإِجَازَةِ، وَهَذَا الْعِلْمُ الْإِجْمَالِيُّ حَاصِلٌ فِيمَنْ رَأَيْنَاهُ مِنْ عَوَامِ الرُّوَاةِ، فَإِنِ انْحَطَّ رَاوٍ فِي الْفَهْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>