وَقَدْ نَازَعَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تَسُوغَ الرِّوَايَةُ بِمُجَرَّدِ صِحَّةِ ذَلِكَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَحَّ عِنْدَ شَيْخِهِ ; لِأَنَّ صِحَّةَ ذَلِكَ قَدْ وُجِدَتْ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ صِحَّتِهِ عِنْدَ شَيْخِهِ وَغَيْرِهِ، قَالَ: وَنَظِيرُهُ مَا إِذَا عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِرُؤْيَتِهَا الْهِلَالَ ; فَإِنَّهُ يَقَعُ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا حَمْلًا عَلَى الْعِلْمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي الِاسْتِدْعَاءَاتِ مِنِ اسْتِجَازَةِ الشُّيُوخِ لِمَنْ بِهَا مَا صَحَّ عِنْدَهُمْ مِنْ مَسْمُوعَاتِهَا، فَالضَّمِيرُ فِي " عِنْدَهُمْ " مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَشَايِخِ وَبَيْنَ الْمُسْتَجَازِ لَهُمْ، وَلَكِنَّ الثَّانِيَ أَظْهَرُ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَا يَسُوغُ لِلرَّاوِي، حَيْثُ قَيَّدَ شَيْخُهُ الْإِجَازَةَ بِمَسْمُوعَاتِهِ خَاصَّةً، التَّعَدِّي إِلَى مَا عِنْدَهُ بِالْإِجَازَةِ، كَإِجَازَةِ أَبِي الْفَتْحِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْحَدَّادِ لِلْحَافِظِ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، حَيْثُ لَمْ يُجِزْ لَهُ مَا أُجِيزَ لَهُ، بَلْ مَا سَمِعَهُ فَقَطْ، وَلِذَا رَجَعَ السِّلَفِيُّ عَنْ رِوَايَةِ الْجَامِعِ لِلتِّرْمِذِيَ عَنْهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَنَالَ الْمَحْبُوبِيِّ، عَنْ مُصَنِّفِهِ ; لِكَوْنِ الْحَدَّادِ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنِ الْمَحْبُوبِيِّ بِالْكِتَابَةِ إِلَيْهِ مِنْ مَرْوَ.
وَأَخَصُّ مِنْ هَذَا مَنْ قَيَّدَهَا بِمَا حَدَّثَ بِهِ مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ فَقَطْ، كَمَا فَعَلَهُ التَّقِيُّ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ; فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُجِيزُ بِرِوَايَةِ جَمِيعِ مَسْمُوعَاتِهِ، بَلْ بِمَا حَدَّثَ بِهِ مِنْهَا عَلَى مَا اسْتُقْرِئَ مِنْ صَنِيعِهِ، [وَنَقَلَهُ أَبُو حَيَّانَ فِي النَّضَّارِ، وَأَنَّ صُورَةَ إِجَازَتِهِ لَهُ: أَجَزْتُ جَمِيعَ مَا أُجِيزَ لِي وَمَا حَدَّثْتُ بِهِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute