طَالِبٍ يَقْدِرُ عَلَى رِحْلَةٍ وَسَفَرٍ، إِمَّا لِعِلَّةٍ تُوجِبُ عَدَمَ الرِّحْلَةِ، أَوْ بُعْدِ الشَّيْخِ الَّذِي يَقْصِدُهُ، فَالْكِتَابَةُ حِينَئِذٍ أَرْفَقُ، وَفِي حَقِّهِ أَوْفَقُ، فَيَكْتُبُ مَنْ بِأَقْصَى الْغَرْبِ إِلَى مَنْ بِأَقْصَى الشَّرْقِ، وَيَأْذَنُ لَهُ فِي رِوَايَةِ مَا يَصِحُّ عَنْهُ - انْتَهَى.
وَقَدْ كَتَبَ السِّلَفِيُّ هَذَا مِنْ ثَغْرِ إِسْكَنْدَرِيَّةَ لِأَبِي الْقَاسِمِ الزَّمَخْشَرِيِّ صَاحِبِ (الْكَشَّافِ) ، وَهُوَ بِمَكَّةَ، يَسْتَجِيزُهُ جَمِيعَ مَسْمُوعَاتِهِ وَإِجَازَاتِهِ وَرِوَايَاتِهِ، وَمَا أَلَّفَهُ فِي فُنُونِ الْعِلْمِ، وَأَنْشَأَهُ مِنَ الْمَقَامَاتِ وَالرَّسَائِلِ وَالشِّعْرِ، فَأَجَابَهُ بِجُزْءٍ لَطِيفٍ فِيهِ لُغَةٌ وَفَصَاحَةٌ مَعَ الْهَضْمِ فِيهِ لِنَفْسِهِ.
وَكَانَ مِنْ جُمْلَتِهِ: وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فَقَرِيبَةُ الْمِيلَادِ، حَدِيثَةُ الْإِسْنَادِ، لَمْ تَعْتَضِدْ بِأَشْيَاخٍ نَحَارِيرَ، وَلَا بِأَعْلَامٍ مَشَاهِيرَ. وَكَذَا اسْتَجَازَ أَبَا شُجَاعٍ عُمَرَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ الْبِسْطَامِيُّ، فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ فِي أَبْيَاتٍ:
إِنِّي أَجَزْتُ لَكُمْ عَنِّي رِوَايَتَكُمْ ... بِمَا سَمِعْتُ مِنْ أَشْيَاخِي وَأَقْرَانِي
مِنْ بَعْدِ أَنْ تَحْفَظُوا شَرْطَ الْجَوَازِ لَهَا ... مُسْتَجْمِعِينَ بِهَا أَسْبَابَ إِتْقَانِ
أَرْجُو بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ يَذْكُرُنِي ... يَوْمَ النُّشُورِ وَإِيَّاكُمْ بِغُفْرَانِ
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ النِّعْمَةِ: لَمْ تَزَلْ مَشَايِخُنَا فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ يَسْتَعْمِلُونَ هَذِهِ الْإِجَازَاتِ، وَيَرَوْنَهَا مِنْ أَنْفَسِ الطَّلَبَاتِ، وَيَعْتَقِدُونَهَا رَأْسَ مَالِ الطَّالِبِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute