بِبَغْدَادَ (قَدْ قَالَ: نَا) مُقْتَصِرًا عَلَى النُّونِ وَالْأَلِفِ ; (إِذْ فَاتَهُ حَدَّثَ مِنْ حَدَّثَنَا مِنْ قَوْلِ) شَيْخِهِ (سُفْيَانَ) بْنِ عُيَيْنَةَ حِينَ تَحْدِيثِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِخُصُوصِهِ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: قُلْ: حَدَّثَنَا، فَيَمْتَنِعُ وَيَقُولُ: إِنَّهُ لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ عِنْدَ سُفْيَانَ لَمْ أَسْمَعْ شَيْئًا مِنْ حُرُوفِ " ح د ث ". فَهَذَا مُخَالِفٌ لِأَحْمَدَ بِلَا شَكٍّ.
هَذَا (وَسُفْيَانُ) شَيْخُهُ (اكْتَفَى بِ) سَمَاعِ (لَفْظِ مُسْتَمْلٍ عَنْ) لَفْظِ (الْمُمْلِي) إِذِ الْمُسْتَمْلِي (اقْتَفَى) أَيِ: اتَّبَعَ لَفْظَ الْمُمْلِي، وَذَاكَ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الْمُسْتَمْلِي قَالَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ كَثِيرٌ لَا يَسْمَعُونَ، فَقَالَ: أَتَسْمَعُ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَسْمِعْهُمْ.
وَلَعَلَّ سَمَاعَ خَلَفٍ لَمْ يَكُنْ فِي الْإِمْلَاءِ (كَذَاكَ) أَبُو إِسْمَاعِيلَ (حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَفْتَى) مَنِ اسْتَفْهَمَهُ فِي حَالِ إِمْلَائِهِ، وَاسْتَعَادَهُ بَعْضَ الْأَلْفَاظِ وَقَالَ لَهُ: كَيْفَ قُلْتَ؟ فَقَالَ: (اسْتَفْهِمِ الَّذِي يَلِيكَ) ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ بَيْنَ أَكَابِرِ الْمُحَدِّثِينَ الَّذِينَ كَانَ يَعْظُمُ الْجَمْعُ فِي مَجَالِسِهِمْ جِدًّا، وَيَجْتَمِعُ فِيهَا الْفِئَامُ مِنَ النَّاسِ بِحَيْثُ يَبْلُغُ عَدَدُهُمْ أُلُوفًا مُؤَلَّفَةً، وَيَصْعَدُ الْمُسْتَمْلُونَ عَلَى الْأَمَاكِنِ الْمُرْتَفِعَةِ، وَيُبَلِّغُونَ عَنِ الْمَشَايِخِ مَا يُمْلُونَ، أَنَّ مَنْ سَمِعَ الْمُسْتَمْلِيَ دُونَ سَمَاعِ لَفْظِ الْمُمْلِي جَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنِ الْمُمْلِي، يَعْنِي بِشَرْطِ أَنْ يَسْمَعَ الْمُمْلِي لَفْظَ الْمُسْتَمْلِي، وَإِنْ أَطْلَقَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ كَالْعَرْضِ سَوَاءٌ ; لِأَنَّ الْمُسْتَمْلِيَ فِي حُكْمِ الْقَارِئِ عَلَى الْمُمْلِي،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute