الْقَارِئَ إِذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ يَقُولُ: أَنَا، بِالْجَمْعِ، فَسَوَّى بَيْنَ مَسْأَلَتَيِ التَّحْدِيثِ وَالْإِخْبَارِ، يَعْنِي: فَإِنَّهُ إِذَا سَمِعَ جَمَاعَةٌ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ يَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمْ: ثَنَا.
وَفِي التَّسْوِيَةِ نَظَرٌ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنَّهُ قِيَاسٌ ظَاهِرٌ، عَلَى أَنَّ السِّلَفِيَّ قَدْ كَانَ يَأْتِي بِالْجَمْعِ فِيمَا يَقْرَؤُهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَيَكْتُبُ أَوَّلَ الْجُزْءِ: أَنَا فُلَانٌ بِقِرَاءَتِي، ثُمَّ يَكْتُبُ الطَّبَقَةَ بِآخِرِهِ، وَلَا يُثْبِتُ مَعَهُ غَيْرَهُ. وَقَدْ جَاءَ عَنْ أَحْمَدَ: إِذَا كُنْتَ وَحْدَكَ فَقُلْ: حَدَّثَنِي، أَوْ فِي مَلَأٍ فَقُلْ: ثَنَا، أَوْ قَرَأْتَ فَقُلْ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ، أَوْ سَمِعْتَ فَقُلْ: قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ. وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الْحَاجِّ، وَقَالَ: إِنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّحَرِّي.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ تَارَةً: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، وَتَارَةً: ثَنَا، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ هَذَا يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: أَكُونُ وَحْدِي فَأَقُولُ: حَدَّثَنِي، وَأَكُونُ مَعَ غَيْرِي فَأَقُولُ: ثَنَا. أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، أَوْ أَخْبَرَ الْقَوْمَ وَأَنَا فِيهِمْ، قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ فَوَجَدْتُ سَوْطًا، وَذَكَرَ حَدِيثًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ صَحِيحِهِ. (وَلَيْسَ) مَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّفْصِيلِ (بِالْوَاجِبِ) عِنْدَهُمْ، وَ (لَكِنْ رُضِيَا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ; أَيِ: اسْتُحِبَّ عِنْدَ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ ; لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ أَحْوَالِ التَّحَمُّلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute