الْخَطِيبُ فَقَالَ: قَلَّ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ عَلَى مَا بَلَغَنَا فِي عَصْرِ التَّابِعِينَ وَقَرِيبًا مِنْهُ إِلَّا مَنْ جَاوَزَ حَدَّ الْبُلُوغِ، وَصَارَ فِي عِدَادِ مَنْ يَصْلُحُ لِمُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ وَمُذَاكَرَتِهِمْ وَسُؤَالِهِمْ.
(وَ) خَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ، فَ (الْعَشْرِ) مِنَ السِّنِينَ (فِي) أَهْلِ (الْبَصْرَةِ) كَالسُّنَّةِ (الْمَأْلُوفَهْ) لَهُمْ ; حَيْثُ تَقَيَّدُوا بِهِ (وَ) الطَّلَبُ (فِي) بُلُوغِ (الثَّلَاثِينَ) مِنَ السِّنِينِ مَأْلُوفٌ (لِأَهْلِ الشَّأْمِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورٌ مَهْمُوزٌ عَلَى أَشْهَرِ اللُّغَاتِ، حَكَاهُ مُوسَى الْحَمَّالُ أَيْضًا عَنْ كُلٍّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَأَعْلَى مِنْ هَذَا كُلِّهِ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي الْأَحْوَصِ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْلُبَ الْحَدِيثَ تَعَبَّدَ قَبْلَ ذَلِكَ عِشْرِينَ سَنَةً. فَاجْتَمَعَ فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ فِي ابْتِدَاءِ الطَّلَبِ أَقْوَالٌ.
(وَ) الْحَقُّ عَدَمُ التَّقَيُّدِ بِسِنٍّ مَخْصُوصٍ، بَلْ (يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ) أَيْ: طَلَبِ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ (بِالْفَهْمِ) لِمَا يَرْجِعُ إِلَى الضَّبْطِ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَعْرِفُ عِلَلَ الْأَحَادِيثِ وَاخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ، وَلَا أَنْ يَعْقِلَ الْمَعَانِيَ وَاسْتِنْبَاطَهَا ; إِذْ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْأَدَاءِ فَضْلًا عَنِ التَّحَمُّلِ (فَكَتْبُهُ) [أَيْ: الْحَدِيثَ، بِنَفْسِهِ مُقَيَّدٌ بِالتَّأَهُّلِ] (لِلضَّبْطِ) ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ (السَّمَاعُ) مِنَ الصَّبِيِّ لِلْحَدِيثِ بِ (حَيْثُ) يَعْنِي بِحِينِ يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى فِيهِ سَامِعًا.
وَعِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ: " قُلْتُ: وَيَنْبَغِي بَعْدَ أَنْ صَارَ الْمَلْحُوظُ إِبْقَاءَ سِلْسِلَةِ الْإِسْنَادِ أَنْ يُبَكَّرَ بِإِسْمَاعِ الصَّغِيرِ فِي أَوَّلِ زَمَانٍ يَصِحُّ فِيهِ سَمَاعُهُ، وَأَمَّا الِاشْتِغَالُ بِكَتَبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute